اخبار وتقارير

الأحد - 31 مايو 2020 - الساعة 05:42 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت | متابعات



ترفض مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، القبول بتشكيل لجنة مشتركة مع السلطة الشرعية لتوحيد الجهود في مواجهة وباء كورونا الذي يتفشى في البلد، بحسب منظمة الصحة ومنظمات أممية أخرى، يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم مع استمرار الحرب منذ سنوات.

وبدأ تسجيل أول حالة إصابة بالوباء في اليمن يوم العاشر من أبريل الماضي، لرجل من مدينة الشحر بمحافظة حضرموت، ليصل حتى يوم أمس السبت الموافق 30 مايو الجاري، بحسب اللجنة الوطنية العليا لمواجهة الوباء والتابعة للحكومة الشرعية إلى (310) حالة إصابة بينها(77) وفاة و(13)تعافي، في تسع محافظات.

في المقابل يرفض الحوثيون حتى اليوم الاعتراف بالحجم الحقيقي لتفشي الوباء أو أرقام المصابين والمتوفين، ويصرون على حالة الإنكار ولم يعترفوا سوى بتسجيل 4 إصابات فقط حتى الـ 18 من الشهر الجاري، بينها حالة وفاة، في حين تقول منظمات وأطباء وسكان بأن المصابين بالمئات وأعداد الوفيات بالعشرات على الأقل.

نداء ومبادرات

ويوم الجمعة، وجه رؤساء ومدراء تنفيذيون لـ17 وكالة أممية ومنظمة غير حكومية، نداء للدول المانحة والشركاء الدوليين لإنقاذ اليمن، قائلين “إنه تم تأكيد الوباء في 10 من محافظات البلاد الـ22 ، مما يدل على انتشار واسع النطاق. لكن نظم الاختبار والإبلاغ لا يزالان محدودين”.

ومنذ الشهر الماضي، بدأت العديد من الأطراف الدولية في مقدمتها الأمم المتحدة بمساعي لإقناع أطراف النزاع بوقف إطلاق النار حتى أثمرت تلك الجهود بموفقة الحكومة والتحالف في العاشر من نفس الشهر وقبل تسجيل أول حالة إصابة فيما رفض الحوثيون، ومع بدء انتشار المرض برزت جهات محلية للحديث عن ضرورة وقف إطلاق النار والتفرغ لمواجهة الوباء وقدمت مبادرة سبق الحديث عن نفس محتواها عدا بعض التفاصيل تتمثل بتشكيل لجنة مشتركة من الشرعية والحوثيين بإشراف منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية، لكنها لم تجد تجاوباً كبيراً باستثناء ترحيب الحكومة الشرعية وتأكيدها بأنها طالبت بذلك منذ البداية وقبلت مقترحات المبعوث الأممي بهذا الخصوص في الوقت الذي رفضها الحوثيون.

وينطلق الداعون لهذه الفكرة من تذكير الأطراف اليمنية بعجز الدول المستقرة عن مواجهة الوباء إلا بعد فترة من الاستفادة من الأخطاء وبعد دفع ثمن كبير، على الرغم من أنها تتمتع بنظام صحي أفضل بكثير مما لدينا، وبالتالي فليس بمقدور كل طرف فعل شيء في مناطقه دون تشارك مع الطرف الآخر، في ظل نظام صحي شبه منهار وقدرات محدودة على كافة المستويات، فضلاً عن أن المرض يمثل تهديداً مشتركاً ولا يفيد توظيفه واستثماره سياسياً.

وتقول المنظمات الأممية في بيانها المشترك المشار إليه أعلاه، إن اليمن يفتقر لأجهزة الفحص الخاصة بالوباء مثل (بي سي آر) ومسحات أخذ العينات والأسرة وأجهزة الأوكسجين والكمامات علاوة على أنه ليس لدى العديد من العاملين في المجال الصحي والعاملين في المجال الإنساني معدات واقية، ومعظمهم لا يتلقون أي رواتب أو حوافز.

وفي ظل هذا الواقع، تبدو الحاجة ضرورية لمعرفة أسباب رفض الحوثيين للانخراط في جهود مشتركة لمواجهة كورونا مثلما اتفقوا مع الحكومة في لجان اقتصادية والحديدة والمحتجزين، وإصرارهم على سياسة التكتم على الوباء ومعاقبة من يتحدث عنه ويقدم معلومات والتعامل مع الجائحة كتهديد أمني والمصابين كمجرمين يتم اقتيادهم من بيوتهم إلى أماكن يعودون بعدها جثثاً لا يُسمح لأقاربهم بمعرفة ما جرى لهم ولا تشييعهم بطريقة لائقة.

مبادرة مدنية

وفي هذا السياق، تحدثنا إلى المحامي عبدالرحمن برمان، رئيس المركز الأمريكي للعدالة، ليقدم لنا تفسيراته لهذا الرفض ويشرح المبادرة التي أعلن عنها مركزه وثلاث منظمات مدنية أخرى هي منظمة سام للحقوق والحريات، وشبكة نساء من أجل اليمن، ومؤسسة دفاع للحقوق والحريات، والتي تحمل اسم (أنقذوا اليمن) وتتلخص في جمع جهود أطراف النزاع بلجنة مشتركة بإشراف دولي لمواجهة الوباء.

يقول لـ”أوام أونلاين” عن تفسيره لأسباب رفض الحوثيين لتوحيد جهود مواجهة كورونا “لا يريدون ذلك لأن لديهم حسابات اقتصادية، وعسكرية، فأما الاقتصادية فهم يعتقدون أنه في حال أعلنوا عن حجم الوباء سيؤدي ذلك إلى إغلاق المؤسسات والمحلات التجارية وهذه تدر لهم يوميا مبالغ كبيرة جدا تساعد في تمويلهم العسكري وثراء مشرفيهم وقياداتهم، لذلك يحرصون على استمرار الوضع كما هو مهما كانت التكلفة ومهما كان حجم الوفيات في صفوف المواطنين”.

ويضيف “وفي الحسابات العسكرية يخشون من تأثير الإعلان وما يتبعه من إجراءات مصاحبة له بما في الرضوخ لضغوط توحيد جهود مواجهة الوباء، على حركتهم في حشد المقاتلين والاجتماعات والزيارات، لاسيما أن الإعلان والإجراءات يعني بقاء الناس في منازلهم وهذا يضعف رغبة من كان يستجيب لهم من قبل لأي بالمشاركة في القتال. لديهم اعتقاد خاطئ بأن بمقدورهم السيطرة على الوباء بالتكتم وهذا ليس حلاً وسيؤدي إلى انفجار كبير للوباء بصنعاء وعمران وإب وذمار وستكون له مضاعفات اقتصادية وكارثة إنسانية”.

ورداً على سؤال حول مبادرتهم، أوضح المحامي والناشط الحقوقي “نحن نرى أن يتم تشكيل اللجنة مباشرة من مسؤولي مكاتب الصحة في المحافظات حتى نتجاوز عملية التنسيق بين الأطراف المتنازعة وخلافاتها السياسية وتشرف عليها منظمة الصحة وأطباء بلا حدود والصليب الأحمر وتدعمها كل الدول حتى تستطيع أن تواجه الكارثة”.

وأشار إلى أنهم تواصلوا مع مكتب المبعوث بشأنها وأنه رد عليهم بأنهم يواصلون جهودهم لوقف إطلاق النار وتوحيد جهود المجتمع الدولي والأطراف اليمنية لمواجهة الوباء وتوفير المساعدات الغذائية والطبية.

وأضاف “تواصلنا مع وزير الخارجية اليمني وطلب منا مكتبه بعض الاستفسارات كما تواصلنا مع ممثل عن جماعة الحوثي وممثلين عن المجلس الانتقالي وأرسلنا لهم رؤيتنا وطلبنا منهم جميعا تغليب المصلحة الوطنية والتعامل مع كورونا كقضية إنسانية وترك المجال مفتوحا لكل الجهات والمنظمات الراغبة في مواجهة كورونا في اليمن، لكنهم التزموا الصمت ولم يردوا بموقف عليها”.

جهود نسائية

وإزاء هذا الوضع، تحاول جهود مجتمعية ومبادرات تطوعية القيام بخطوات تساهم في تخفيف انتشار الوباء ومساعدة الناس وهي جهود لا تقتصر على الرجال فحسب، بل تشارك فيها نساء بشكل فردي وجماعي عبر منظمات ومسميات مختلفة.

وعن هذه الجهود، تقول ناشطة نسائية فضّلت عدم ذكر اسمها خوفاً على حياتها، إن هناك تنسيقاً مشتركاً بين المنظمات النسائية في صنعاء وعدن حول الخطوات التي يقمن بها ومنها التوعية بخطورة الوباء وسُبل الوقاية منه والتواصل مع مكاتب الصحة بالمحافظات واللجنة الوطنية لمواجهة كورونا وتقديم العون لأسر المصابين.

وتقول لـ”أوام أونلاين” إنه لا بد من ضغط خارجي على كل الأطراف اليمنية وفي مقدمتها الحوثيين لتحمّل مسؤولياتهم وتوحيد جهودهم، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن عند الحوثيين الذين يرفضون الإعلان عن الأرقام الحقيقية للمصابين والمتوفين ويتعاملون معه بأسلوب أمني يمنع الحديث عنه ويضع المصاب في دائرة العيب الاجتماعي بدلاً من تقديم الرعاية الصحية اللازمة له كما يفعلون مع قياداتهم ومشرفيهم الذين يتمتعون برعاية عالية المستوى في مستشفيات وفلل خاصة لهذا الغرض في الوقت الذي لا يجد المواطن العادي جهاز تنفس صناعي ويموت وهو يبحث عنه من مستشفى لآخر”.

وحول تفسيرها لأسباب رفض الحوثيين القبول بلجنة مشتركة مع الحوثي، أجابت “لأنهم يريدون الاستئثار بالدعم المالي والمساعدات المقدمة من الخارج والتصرف بها بحرية وتوزيعها لمن يريدون دون وجود رقابة، بينما وجودهم في إطار لجنة مشتركة بإشراف دولي يحرمهم من الحصول على كامل الدعم ويصعّب مهمة تلاعبهم بالوباء وأرقام الضحايا بشكل كبير”.

وتضيف “هم يستغلون أي أزمة إنسانية كورقة ضغط سياسي وكورونا ورقة رابحة ماديا وسياسيا وهذا ما نراه حالياً”.