تحقيقات وحوارات

الإثنين - 02 أكتوبر 2023 - الساعة 07:35 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث/خاص

قراءة / أبو مصطفى السالمي
ماهر شاب بلغ من العمر (24) عاما أكمل دراسته الجامعة، ولم يجد عملا بعد في فترة الفراغ ما بعد التخرج تعرف على الشاب (ع، ص، ن) لتبدأ حياة ماهر المخجول الودود تنقلب رأسًا على عقب.. شهران فقط استطاع (ع، ص، ن) غسل فكر ماهر بأفكار متطرفة، ولعب على وتر المشاعر وحب الدين والجنة والنار.. ليتغيب ماهر فجأة عن البيت، وبعد يومين فقط اتصل بأهله وقال لأمه: "أماه (ادعي) لي فغدا سأكون في الجنة مع الحور العين"، لتغلق سماعة الاتصال.. وما هي إلا ساعات وإذا بمواقع التواصل الاجتماعي تضج وتشتعل بخبر وموثق بفيديو تظهر فيه سيارة (هيلكس) مسرعة باتجاه جنود في إحدى النقاط الأمنية أثناء تناولهم وجبة الغداء لتنفجر السيارة وتتطاير أشلاء الجنود الأبرياء وأشلاء ماهر بينهم.. نقطة أول السطر.
قصة ليست من نسج الخيال فمثلها كثير، فحرب الفكر ممتدة منذ قديم الأزل، فإن لم يجد الفكر الإرهابي فكرة إرشادي يوعي المجتمع لسقطنا في أتون الفكر المتطرف.. فقرار رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الرئيس عيدروس الزبيدي بشأن استحداث دائرة (الفكر والإرشاد) في الأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الذي صدر الخميس، 28 سبتمبر، برقم (40) لعام 2023م، والذي قضت مادته الأولى بأن "يتم فصل دائرة التعليم والإرشاد الديني إلى دائرتين، هما الدائرة التعليمية ودائرة الفكر والإرشاد بالأمانة العامة لهيئة الرئاسة"، قرار صائب لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تشن حربًا على أرض الجنوب.
فبعد تحرير العاصمة عدن ومحافظات الجنوب من المليشيات الحوثية علم من يسعون لطمس الهوية الجنوبية منذ صيف 1994م أنه لم يعد لهم مكانًا على خارطة الجنوب، فسعوا جاهدين لخط الأوراق سياسيا في محاولة إعادة سيطرتهم بوسائل وأساليب وأدوات جديدة متمثلة بالإرهاب والتطرف الذي بدأت أذرعه تنتشر في كل محافظات الجنوب الست، وبشكل غير مسبوق لتنتشر العمليات الإرهابية وجرائم القتل والاغتيالات والتفجيرات بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة.. وما حدث في عدن بعد خروج الحوثي وخاصة في مديرية المنصورة من تغلغل الجماعات الإرهابية خير دليل على ذلك حتى غيض الله للجنوب رجل (الحرب والسلم) عيدروس الزبيدي الذي كان محافظا آنذاك ليضربهم بشلال وبأبو اليمامة اللذين اجتثا شأفتهم من العاصمة عدن، بدعم واسناد من قوات التحالف العربي، وكانت معركة قاسية وغير مألوفة للقوات الجنوبية ولعب الدعم الإماراتي عنصر الحسم فيها.

الفكر يحارب بالفكر!
يقول نجيب محفوظ صاحب (نوبل): "الفكر لا يحارب إلا بالفكر".. ومن هذا المنطلق نجد أنفسنا أمام قرار حكيم يؤكد النظرة الثاقبة والرؤية المستقبلية للرئيس عيدروس فقليل من التأمل والتدبر لقراره رقم (40) بشأن استحداث دائرة (الفكر والإرشاد) بالأمانة العامة لهيئة الرئاسة في المجلس الانتقالي بوجوب التصدي لفكر التطرف والارهاب ومواجهته بالفكر النير والحوار الرشيد تصحيحا للمفاهيم الخاطئة والمعلومات المغلوطة عن ديننا الإسلامي الحنيف.
فالقرار رقم (40) كان صريحًا وواضحًا في دعوته إلى محاربة الفكر المنحرف بالفكر الصحيح، وإلى مقاومة الكلمة الضالة بالكلمة الطيبة بغية إخراج شباب الجنوب الذين غرر بهم من أتون ضلال الإرهاب والتطرف إلى نور الحق والهداية، وهذا لن يتأتى إلا بتشكل كيان (فكري - إرشادي - توعوي) لتصحيح ما أفسده وما سيفسده الساعون لطمس الهوية الجنوبية، ومما أكده قرار الرئيس الزبيدي: "أن الفكر لا يحارب الا بالفكر، والكلمة لا تقاومها سوى الكلمة".

دائرة الفكر والإرشاد.. هذا الطرق!
بالنظر إلى المؤامرة الكبرى على الجنوب فإننا في حاجة ماسة إلى تفعيل دور (دائرة الفكر والإرشاد) التي استحدثت بالقرار (40)، فالتحدي الأول هو جمع الكلمة لمكافحة الإرهاب من خلال إيجاد معادلة (ثلاثية) (التوعية الرشيدة، اليقظة الأمنية، تطبيق القانون) ويمكن تحديد العوامل التي تؤدى إلى الفكر الإرهابي المتطرف إلى (عوامل ثقافية وتربوية: التعليم، الإعلام، عوامل دينية: تتمثل في الفتاوى المتطرفة، عوامل اقتصادية: البطالة، الفقر، المعاناة الاجتماعية)، وعلى (دائرة الفكر والإرشاد) تجفف العوامل التي تؤدي إلى التطرف من خلال التوعية الدينية والوطنية، وأهمها (التعليم والإعلام فهما أهم أداتين لمواجهة الفكر المتطرف.