تحقيقات وحوارات

الأربعاء - 22 نوفمبر 2023 - الساعة 03:16 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث/خاص



تقرير/ هلا عدنان

لا يزال الخريج مروان محمد منذ 3 سنوات يبحث عن عمل، بعد أن تخرج من كلية إدارة الأعمال في جامعة عدن، ولم يستطع حتى الآن الحصول على وظيفة حكومية أو أي عمل في مرفق خاص.

"طرقت أبواب شركات ومؤسسات عديدة إلا أنني لم أتوفق، أنتظر الرد لفترة ثم أقدم في مكان آخر واعتدت على هذا الوضع، ثم لجأت للعمل بالأجر اليومي" بهذه العبارة يجسد مروان معاناته في البحث عن الوظيفة بعد تخرجه.

معاناة الرفض الوظيفي التي يواجهها الشباب في عدن بالوقت الذي تتسع فيه دائرة الفقر والبطالة ولعل من أهم أسباب اتساعها الحرب وآثارها، وغيرها من الأزمات الاقتصادية المتصاعدة التي تندرج تحتها أزمة التشغيل الخاصة بالخريجين، إذ يفرض سوق العمل متطلبات صارمة بشكل خاص على الخريجين فأغلب الشركات والمرافق تبحث عن موظف ذو خبرة لسنوات وهذا ما لايتوفر عند الخريجون الجدد، بالإضافة لعروض عمل بأجور متدنية وفي غير تخصصاتهم.

مراكز متفوقة لا تشفع بالحصول على وظيفة

في كثير من الأحيان قد يطغى عامل عدم وجود خبرة عملية على تفوق الخريج وتميزه، ما يتسبب في إحباط الخريجين، وهو ما واجهته فاطمة جمال -خريجة عام 2018- التي تتحدث مستعيدة ذكرياتها عند دخولها للجامعة "عندما التحقت بالجامعة كنت أرى نصب عيني المستقبل الذي كنت أرسمه وحصولي على الوظيفة التي كنت أحلم بها".

وتواصل فاطمة "بالرغم من أن مشوار دراستي كان حافلا ببعض المتاعب فعندما بدأت، كنت لا أزال أسكن مع عائلتي وتزوجت بعد انتهائي من الفصل الأول من العام الأول للدراسة، حاولت الضغط على نفسي وتحمل المسؤولية الموكلة إلي وجاهدت للحصول على درجات عالية، ولله الحمد أتممت مشواري الجامعي وحصلت على المركز الأول بتقدير ممتاز".

وتسترسل قائلة "لكن هنا كانت خيبة الأمل.. لم أحظى بفرصة للوظيفة حتى الآن، في كل مرةٍ كنت أقدم فيها على وظيفة ما، كان السؤال الذي يطرح علي في كل مرة، هل عندك خبرة؟ اشتغلت في هذا المجال من قبل؟..، كيف ستكون عندي خبرة وانتم لا تقبلون إلا ذوي خبرة، أشخاص قد عملوا من قبل لمدة سنوات؟! من أين ستأتي الخبرة إذا لم نحظى بفرصة للعمل؟ كيف سنعمل وأنتم لا تستقطبون الطلاب الخريجين؟".

وأنهت كلماتها متسائلة "سنوات التعب التي قضيناها وسهر الليالي للحصول على درجات عالية ألا تشفع لنا للحصول على فرصه؟".

عدة عقبات تقف أمام الخريج عند بدء البحث عن عمل، يمكن أن تسهم الجامعات في التغلب عليها، لاسيما وأن دورها لا ينتهي عند التعليم فقط، ولكنه يمتد لدعم المسار المهني للطالب بوضع إستراتيجيات لتجهيز الخريجين لسوق العمل وربطهم به، لتطوير جاهزيتهم وتحقيق أهدافهم المهنية، وتعزيز قدراتهم على العمل بفاعلية، وذلك من خلال التطبيق والتشبيك مع المؤوسسات في فترة دراسة الطلاب، وهو ما يسهم بشكل كبير في تقرير المصير المهني للخريج.

مللنا التقييد ووظائف في غير التخصص

أما كفى حيدره خريجة إقتصاد إداري من عام ٢٠١١، تقول "كل سنه أقيد عبر النت أو الحضور إلى الخدمه المدنية وبصراحه فقدت الأمل من التوظيف الحكومي لأنه لي أكثر من ١١سنه أقيد بدون أي أمل بنزول الوظائف، حتى إذا نزلت وظائف ستكون كلها محسوبه لأبناء الناس المهمة ونحنا في الزوايا بدون أي أمل".

وتضيف حيدره "حاليا أتنقل من شغل خاص لآخر في غير تخصصي(من مراجعة قروض في موسسة إلى محاسبة في عيادة صغيرة إلى مشرفة أمنية في جامعة خاصة ) كل هذا الوظائف الخاصة في غير تخصصي تماما".

صدمة بعد التخرج

أميمة عاتق خريجة جديدة تعبر عن الصعوبات التي واجهتها عند البحث على عمل بعد التخرج قائلة "أنا كخريجة الشيء الذي يتراود في ذهني بعد التخرج الوظيفة، إلا أنه بعد التخرج الصدمه كانت ببيئة العمل والمحيط المليء بالصعوبات التي واجهتني عند البحث عن الوظيفة، منها الأكثر انتشارًا هي الأعمال في مجال غير مجالي الدراسي فأغلب الوظائف منتشرة هي ليست من مجال دراستي، كما واجهتني متطلبات رب العمل وهي الخبرة من أين نأتي بالخبرة؟ وليست هناك فرصة متاحة للعمل من أجل أن أخذ خبرة!، وتوجد صعوبات كثيرة ولكن بشكل عام الصعوبات السابقة هي أكثر ماواجهتني".

واقع مرير

شيماء عبد العزيز تقول "يسعى الطالب اليمني في بلاد يسودها الصراع والتفكك إلى أن يحقق هدفه وطموحه الذي سعى في تحقيقه بصبر ومثابرة خلال دراسته على أمل أن يحصل على وظيفة تناسب تخصصه وميوله، إلا أن الواقع مريرا فبعد تخرجنا بحثا مطولا عن فرصة عمل تناسبنا، على وجه الخصوص نحن الفتيات في الوقت الراهن الذي لم يعد بيئة آمنة لنا كي نشق طريقنا ونكمل مشوارنا المهني، إذ يتطلب علينا البحث عن فرص عمل تناسبنا في واقع يخلو من المساءلة القانونية، لذلك تقل فرصنا في الحصول على تلك الوظيفة التي كنا نحلم بها".

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد ونقص فرص العمل، يجد العديد من خريجي الجامعات أنفسهم مضطرين للعمل في مجالات غير تخصصهم أو إقامة مشاريع صغيرة لتوفير دخل يساعدهم في إعالة أنفسهم وعائلاتهم وتفادي البطالة.

خريجون على باصات الأجرة

يقول الشاب أنور زيد أنه بعد تخرجه من الجامعة الوطنية حاول البحث عن وظيفة وعمل يتناسب مع تخصصه إلا أنه لم يجد، فلجأء للعمل على باص أجرة فهو أب ولدية ثلاثة أطفال، فلم يكن له حل بديل لمواجهة الظروف المعيشية وإلتزاماته الأسرية".

ويرى خبراء أن زيادة نسبة الركود الوظيفي بين خريجي الجامعات تقود إلى ضعف اهتمام المجتمع بالتعليم، خصوصا في ظل البطالة الناتجة عن عدم توفر الخبرة التي تدفع الخريج في كثير من الأحيان للعمل بأجور متدنية لا تتناسب مع تكلفة دراسته الجامعية وذلك بدافع الحصول على الخبرة.

مدارس خاصة بأجور زهيدة

ما زالت نهى تنتظر فرصة الحصول على وظيفة حكومية في تخصصها، فهي تعمل بمدرسة خاصة بأجر زهيد، مقابل عمل مضني ومجهد، وترى أن الوظيفة الحكومية هي المخرج الوحيد لها من تعب المدارس الخاصة تقول" أتمنى أن أتوظف وظيفة حكومية لاتخارج من العمل بالمدارس الخاصة، صحيح يمكن نفس الرواتب ولكن التعب أخف بالمدارس الحكومية وفي تقدير، وكمان بالإجازات الفصلية في رواتب".

وبحسب خبراء أقتصاديون أن الشباب في اليمن هم إحدى الفئات الأكثر تأثرا بالحرب التي تشهدها البلاد منذ سبع سنوات.

فقد أدت الحرب إلى زيادة معدلات البطالة بشكل كبير بين هذه الفئة، وتأثرت العملية التعليمية بشكل سلبي بسبب الاختلالات التي نشأت بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.

ويؤكد الخبراء المتخصصون في سوق العمل أن هناك تغيرات جذرية تحدث في سوق العمل في اليمن بشكل عام، وتأتي هذه التغيرات نتيجة لتأثيرات متعددة، بما في ذلك تغير استراتيجيات وسياسات منظومة العمل وتوجهات أصحاب الأعمال وأرباب العمل بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد.

وقد تم تسريح العديد من العمال وتخفيض الأجور الممنوحة بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت تخصصات ونماذج عمل جديدة في سوق العمل والتي لا تتوافق بشكل كامل مع مخرجات النظام التعليمي الأكاديمي الحالي.

وكانت الأمم المتحدة، قد كشفت في تقرير سابق لها، أن معدل البطالة في اليمن يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وأن ذلك المعدل وصل إلى أكثر من 60 في المائة، مع تأكيده أن اليمن يحتاج إلى توفير أكثر من 200 ألف فرصة عمل سنويا لاستيعاب الأعداد المتزايدة للحفاظ على معدل البطالة عند مستواه الحالي.

تحديات كبيرة تواجه الخريجون في التوظيف والعمل، وتتطلب جهودا مشتركة من القطاعين العام والخاص، للتعامل مع هذه التحديات وتوفير فرص العمل المناسبة، وتحسين جودة التعليم لتناسب احتياجات سوق العمل المتغيرة.