عرض الصحف

الإثنين - 18 ديسمبر 2023 - الساعة 03:27 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/الشرق الاوسط:

تثير الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وباب المندب الكثير من المخاوف بشأن التداعيات المُرتقبة على سلاسل الإمدادات العالمية بين الشرق والغرب، فيما يؤكد محللون اقتصاديون أن ضرر العربدة الحوثية في الشريان المائي الحساس سيطال الجميع.

ومع مضي شهر على تصدّر مضيق باب المندب جنوب غربي اليمن عناوين الصحافة العالمية بعد دخوله على خط الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، علقت كبرى شركات الشحن البحري رحلاتها عبر البحر الأحمر خشية تعرض السفن لاستهداف جماعة الحوثي.

وفي 19 نوفمبر الماضي، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، الاستيلاء على سفينة الشحن “غالاكسي ليدر”، المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني.

وتوعدت جماعة الحوثي مرارا باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، “تضامنا مع فلسطين”، ودعت الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن.

وتوالت هجمات الحوثي ضد سفن تقول الجماعة إنها “مرتبطة بإسرائيل”، الأمر الذي دفع عدة شركات شحن إلى تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.

وبرز من تلك الشركات، ثلاث تصنف بأنها أكبر شركات شحن الحاويات عالميا، وهي شركة MSC وشركة MIRSK وشركة CMA-CGM.

وتتصاعد حدة المخاوف العالمية من احتمال إعلان شركات أخرى تعليق حركة الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب، ما يعني تذبذبا في سلاسل الإمدادات العالمية بين الشرق والغرب، وبالتالي عودة التضخم مجدداً.

حقائق باب المندب


يقع مضيق باب المندب بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا، ويربط البحر الأحمر مع خليج عدن والمحيط الهندي.

ويبلغ عرض المضيق 20 ميلاً (32 كيلومترا) وينقسم إلى قناتين بواسطة جزيرة بريم؛ حيث يبلغ عرض القناة الغربية 16 ميلاً (26 كيلومترا) وعرض القناة الشرقية 2 ميل (3 كيلومترات).

ومع بناء قناة السويس شمال مصر، اكتسب المضيق أهمية إستراتيجية واقتصادية كبيرة، حيث شكل جزءا من الرابط بين البحر الأبيض المتوسط وشرق آسيا.

وبحسب بيانات منظمة التجارة العالمية، يختصر مضيق باب المندب رحلات السفن مدة 14 يوما في المتوسط.

وتعني فرضية غلق المضيق، منع الناقلات وسفن الشحن القادمة من آسيا أو منطقة الخليج العربي من الوصول إلى قناة السويس، ممّا يحوّل مسارها حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، عبر رأس الرجاء الصالح.

وبحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، فإن قرابة 10 في المئة من النفط المنقول بحرا يمر يوميا عبر مضيق باب المندب، ودون هذا المضيق فإن إمدادات الخام والمشتقات النفطية ستشهد تذبذبا وفوضى في سوق الطاقة.

وتظهر بيانات منشورة على موقع “vessel tracking” المتتبع لحركة الملاحة العالمية، أن متوسط عدد القطع (سفن وقوارب) البحرية العابرة للمضيق سنويا بلغ نحو 22 ألف قطعة بحرية، أي قرابة 60 قطعة يوميا.

ويتمتع المضيق بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة، وسبق أن أغلقته مصر أمام إسرائيل خلال حرب 1973، وإثر هجمات سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة قامت قوة أميركية بالعمل على تأمين الملاحة في المضيق في مواجهة تنظيم القاعدة.

ويؤكد تقرير للجيش الأميركي أن “لباب المندب أهمية باعتباره البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، والتي بدءا منها جعلت للتاريخ البحري أهمية كبيرة في النظام العالمي، ما يجعله هاما على الصعيد الجغرافي والسياسي والاقتصادي والعسكري”.

ويشير التقرير ذاته إلى أن هذه المنطقة تعتبر “ساحة مواجهة بين القوى العظمى التي تحاول تعزيز وجودها ونفوذها العسكري”، منوها إلى توفر حاجة “لتخفيف التوتر وتعزيز السلام والأمن المنطقة”.

ويستخدم الحوثيون مجموعة واسعة من الأسلحة والتكتيكات لتصعيد إخلالهم بالأمن البحري الإقليمي، وفرض حظر بحري انتقائي ضد السفن الإسرائيلية التي تسعى للمرور عبر مضيق باب المندب وتهديد السفن الحربية الأميركية التي تظهر لحمايتها.

تداعيات

يقول الباحث رياض دومازيتي في تقرير نشره مركز البحوث التركي إن الغارات الحوثية تؤثر على طرق التجارة والطاقة العالمية إذ يلعب مضيق باب المندب وقناة السويس في البحر الأحمر دورا حيويا في سوق الطاقة العالمية وقطاع النقل، ذلك أن 3 من أهم 7 نقاط عبور للنفط في العالم مرتبطة بهذا البحر.

وذكر دومازيتي أن عدم استقرار الأمن في البحر الأحمر سيؤدي إلى زيادة تكاليف النقل ومدة العبور في التجارة العالمية بنسبة تقارب 43 في المئة.

وأضاف أنه من الممكن أن تؤدي أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر إلى سيناريو أوسع يتمثل في زيادة التسليح والعسكرة في المنطقة من قبل دول مثل الصين وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان، وهي دول لها وجود عسكري فعلي في البحر الأحمر، وبالتالي المزيد من تصعيد المنافسة العالمية.

ومن الآثار المترتبة على الغارات الحوثية في البحر الأحمر، يقول دومازيتي هو تعزيز الدعم الشعبي والرسمي لمشروع الممر الاقتصادي الهندي – الشرق أوسطي الذي يشمل السعودية وإسرائيل ويتجاوز البحر الأحمر.

وفيما يتعلق بالأمن في اليمن، يتوقع دومازيتي أن تؤجج الغارات الحوثية الحرب هناك مجددا وتعيدها إلى نقطة البداية لأن القوى الدولية ستحاول مواجهة استهداف الحوثيين للتجارة العالمية، إذ ستقوم الولايات المتحدة بزيادة دعمها اللوجستي والاستخباراتي والعسكري للتحالف المناهض للحوثيين.

وتأخذ الولايات المتحدة وإسرائيل التهديدات الحوثية على محمل الجد، فقد ذكرت تقارير إعلامية أن إسرائيل طلبت من عدة دول، بينها بريطانيا واليابان، تشكيل قوة عمليات خاصة لتأمين الممرات الملاحية في البحر الأحمر، وذلك بالتزامن مع تصريح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بأن واشنطن تبحث حاليا إنشاء قوة لحماية الملاحة بالبحر الأحمر، متهما إيران بدعمها للهجمات التي شنها الحوثيون.

ولم يحدد سوليفان ماهية تلك القوة بالضبط، ولكنه أشار إلى أنه سيتم التعاون مع “دول أخرى والسفن التابعة لتلك الدول من أجل توفير مستوى أعلى من الأمن عبر البحر الأحمر”.

ويرى مايكل نايتس، زميل برنامج برنستاين بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والخبير في الشؤون العسكرية والأمنية لدول الخليج، أن عمل تلك القوة سيكون مماثلا لعملية “الرغبة الجادة” في ثمانينات القرن الماضي، “حيث كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يرافقون ناقلات النفط لدى مرورها في مياه الخليج العربي خلال الحرب العراقية – الإيرانية بعد تعرض بعض الناقلات للهجوم من قبل إيران. فالولايات المتحدة تسعى لتقاسم الأعباء، فكافة الدول ينبغي أن تتحمل جزءا من عبء الحفاظ على الأمن في البحر الأحمر، لأن واشنطن لا تريد أن تصاب بحريتها بالإنهاك”.