عربي ودولي

الأربعاء - 17 يوليه 2019 - الساعة 05:23 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت | العرب



يسعى القادة الأوروبيون لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم مع إيران، لكن استحالة الالتفاف على العقوبات الأميركية لا تترك لهم فرصة. وعمق اختلاف الرؤى بين لندن وباريس بشأن الاستراتيجية التي يجب اتباعها لإنعاش الاتفاق، ضعف القرار الأوروبي. وتدرك طهران جيدا أن القادة الأوروبيين أعجز من أن يساعدوها على تلافي العقوبات الأميركية وأن الذهاب إلى التفاوض مع صاحب القرار مباشرة يستوجب القليل من الوقت ودعما دبلوماسيا تعمل على تحفيزه عبر الترفيع في سقف التهديدات.

فقدت إيران أي أمل في حلفائها الأوروبيين لإنقاذ الاتفاق النووي والالتفاف على العقوبات الأميركية، وعلى الرغم من ذلك مازالت تمارس أقصى الضغوط على قادة أوروبا الموقعين على الاتفاق النووي.

ويرى مراقبون أن إيران تريد من خلال تصعيدها ضد حلفائها وحشرهم في الزاوية التمديد في آجال الدبلوماسية لربح المزيد من الوقت، إلى حين إيجاد وصفة تذهب بها للتفاوض مع واشنطن مباشرة وتحفظ ماء الوجه، إذ لم تفاوض إيران قبل هذا من موقع ضعف.

وتفاوضت إيران بشأن برنامجها النووي مع القوى العظمى في 2015 من موقع قوة وهذا تحديدا ما يريده القادة الإيرانيون الذين باتوا مقتنعين بضرورة إعادة التفاوض على الاتفاق النووي، لكن ليس بأي ثمن.

ويبذل الأوروبيون كل الجهود الممكنة لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران، لكن وزراء خارجيتهم استنتجوا خلال اجتماعهم الاثنين في بروكسل أن استحالة الالتفاف على العقوبات الأميركية لا تترك لهم فرصا كثيرة للتجاوب مع ما تطلبه طهران.

وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إن الاتفاق النووي لم يمت والاتحاد الأوروبي يريد أن يعطي إيران “إمكانية العودة عن إجراءاتها الأخيرة التي تتعارض مع التزاماتها” الواردة في الاتفاق النووي، مضيفا “هناك فرصة ضئيلة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني”.

وأعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن الأسف “لاتخاذ إيران قرارات سيئة ردا على القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق وفرض عقوبات عابرة للحدود تضرب بقوة الميزات الاقتصادية التي كان يمكن لإيران أن تستفيد منها عبر هذا الاتفاق”،

ويعرب الأوروبيون عن أسفهم لقرار طهران إنتاج يورانيوم مخصب يتجاوز النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق النووي الموقع مع القوى الكبرى عام 2015. في حين أن إيران تتوقع من الأوروبيين “إجراءات عملية وفاعلة ومسؤولة” لإنقاذ الاتفاق.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي في بيان إن “أي توقع بأن تعود إيران إلى الظروف التي سادت قبل 8 مايو 2019 دون برهنة الأوروبيين عن إرادة سياسية وقدرة عملية” على تخفيف العقوبات، “هو توقع غير واقعي”.

وأعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الاثنين أن إيران يمكنها “العودة إلى الوضع” الذي كان سائدا قبل إبرام اتفاق يوليو 2015 بشأن برنامجها النووي.

وقال بهروز كمالوندي في تصريح نقلته الوكالة الإيرانية الرسمية (إرنا) “إذا لم يرغب الأوروبيون والأميركيون في الإيفاء بالتزاماتهم، فنحن أيضا، ومن خلال خفض التزاماتنا سنعود إلى ما كان عليه الوضع قبل أربعة أعوام”.

ويأمل الأوروبيون في إقناع الإيرانيين برغبتهم في مساعدتهم عبر استخدام “إينستاكس” وهي آلية مقايضة للالتفاف على العقوبات الأميركية عبر تجنب استخدام الدولار الأميركي. وبواسطة هذه الآلية فإن ما تشتريه إيران من الأسواق الأوروبية يعوض عنه بشراء الأوروبيين منتجات من إيران بالقيمة نفسها.

وحسب ما أعلنت هيلغا شميت مساعدة وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني، التزمت عشر دول أوروبية باستخدام هذه الآلية على أن تنضم أيضا دول “غير عضو في الاتحاد الأوروبي” إلى هذه المبادرة. إلا أن دبلوماسيا أوروبيا رفيعا أعرب عن أسفه لعدم دعم إيطاليا وبولندا لهذه الآلية. ولم يعد بإمكان إيران حاليا تصدير نفطها وحرمت من أهم مصدر دخل لها. فقد تراجعت الصادرات النفطية الإيرانية من 1.5 مليون برميل يوميا إلى 700 ألف برميل ما يجعل الاقتصاد الإيراني في ورطة كبيرة.

وعلق وزير الخارجية الإسباني جوزيب بوريل الذي تم اختياره ليخلف موغيريني “نحن نقوم بكل ما هو ممكن لإبقاء الاتفاق النووي مع إيران، ونعرف في الوقت نفسه أن هذا الأمر سيكون صعبا للغاية بسبب الموقف الأميركي”.

واتسعت حالة اليأس التي تهيمن على أصدقاء إيران الأوروبيين بشأن مستقبل العمل مع طهران بعد أن أقر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في وقت سابق بصعوبة الالتفاف على العقوبات الأميركية.

وقال ماس في مؤتمر صحافي في طهران مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف “لن نصنع المعجزات هنا، لكن سنسعى بكل قوتنا إلى بذل كافة الجهود لتجنب الإخفاق”.

وفي وقت تسابق فيه أوروبا الزمن لإيجاد مخرج لإنقاذ الاتفاق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي أن العقوبات على إيران سيتم تشديدها قريبا “بشكل كبير”، وذلك بعدما أوردت إيران أن مخزونها من اليورانيوم المخصب تجاوز الحد الذي نص عليه اتفاق فيينا حول برنامجها النووي.

وكتب ترامب على تويتر “إيران تخصب اليورانيوم سرا منذ وقت طويل، في انتهاك كامل لاتفاق الـ150 مليار دولار الفظيع والذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما”، في اإشارة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت واشنطن منه العام الماضي، مضيفا “سيتم قريبا تشديد العقوبات، بشكل كبير”. ورجّحت تقارير إعلامية أميركية في الفترة الأخيرة أن تقبل إيران التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق نووي جديد، في ظل تعرضها لعقوبات أثّرت بشكل كبير على اقتصادها.

ويرى مسؤولون أميركيون أن “إدارة الرئيس دونالد ترامب تفضل حلا سياسيا مع طهران على أساس أن التجارب السابقة أظهرت أن الدخول في حرب أسهل بكثير من الخروج منها، فالحرب ستكون باهظة الثمن للطرفين على حد السواء”.

وقالت مصادر دبلوماسية إن “واشنطن تهدف بشكل أساسي إلى إنهاء دعم إيران للإرهاب والميليشيات الحليفة لها في المنطقة، وفرض قيود على برامجها الصاروخية، والتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد يحل مكان اتفاق عام 2015”.

وحتى الآن يقول الخبراء إن النهج الأوسع للسياسة الخارجية لإدارة ترامب، يعتمد على ممارسة أقصى الضغوط على الخصوم لإجبارهم على تقديم تنازلات.