تحقيقات وحوارات

الجمعة - 22 مارس 2019 - الساعة 01:12 م بتوقيت اليمن ،،،

تقرير/سامية المنصوري

انتشرت ظاهرة العنوسة بين أوساط الفتيات، وأصبحت مشكلة تؤرق الكثير منهن، فتأخر سن الزواج (العنوسة) في وطننا العربي بصورة عامة، وفي المجتمع اليمني بصورة خاصة، من المشكلات الكبيرة والمعقدة التي تحتاج الى حل.

كما اصبحت ظاهرة العنوسة في كل محافظات ليمن بشكل عام ترتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وقد أفرزت العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تهدد بنية الأسرة والمجتمع. وحذّر خبراء اجتماعيون وسياسيون من خطورة تنامي الظاهرة على الأمن الاجتماعي لليمنيين، في ظل غياب خطة شاملة لتشجيع الشباب على الزواج، وتوعية الأسر من أضرار رفع المهور ومتطلبات الزواج، و بالرغم من التوسع الثقافي والموروث الديني الذي يخفف من ظهور هذه الظاهرة، الا ان مازال هناك الكثير يحتفظ بالعادات عقلية غريبة وشروط شكلية كثيرة يصعب على الشباب حملها.


وتعد انخفاض العملة الوطنية امام العملة الخارجية احد الأسباب الرئيسية في تأخر سن الزواج لدى الشباب والبنات إضافة الى انتشار البطالة، وتدني الرواتب، حيث بات الشباب اليوم عاجزين عن الإقدام على خطوة الزواج ، نظراً لارتفاع المهور وتكاليف الزواج من تحضير للشقة والأثاث ومصروفات ” إقامة الفرح والغداء والحفلات “.


واكشفت دراسات ان أكثر الفتيات اللاتي تجاوزن سن الثلاثين ولم يتزوجن بعد هن من يحملن الشهادات الجامعية وممن انخرطن في الحياة العامة والسلك الوظيفي خاصة ممن يعشن في المدن لا في القرى والأرياف، حيث أصبح الاهتمام بالتعليم ورغبتهن في الاستقلال المادي والمعنوي من الأسباب التي أدت إلى تفشي العنوسة، وهو ما جعل الفتاة تبحث عن فارس الأحلام الذي يتوافق مع مستواها وطموحاتها المختلفة، وغير عابئة بما يقال من حديث وما يرصد من أرقام عن «ظاهرة العنوسة». تسير المعنية في طريقها تستكمل دراساتها العليا لا تلقي بالاً لنظرات الأقارب والأصدقاء فتصطدم مع مرور الوقت بشبح العنوسة ، وأخريات اجبرتهن نظرة المجتمع على الدخول في زواج غير مخطط له ولا مدروس ما لبثت أن انقلبت بهم حافلته على «رصيف الطلاق».


وقد أثبتت العديد من الدراسات إلى أن العانسات يعانين في الغالب من الإحباط والصراع النفسي والتعقيد الداخلي وتشعر بالتوتر والضعف والإحساس بنظرة الناس لها وما يقولوه المحيطون حولها.


تغير مسارات كثيرة نحو الاتجاه المعاكس، فنظرة المجتمع لا ترحم كل من تقدم بها السن دون أن تتزوج، من جهة أخرى يقف الشباب عاجزين عن الزواج بسبب عدم المقدرة من تحمل تكاليف الزواج او العجز عن الإلتحاق بوظيفة رغم حصولة على الشهادة الجامعية.

وتفاقمت هذه الظاهرة بعد ظهور مليشيات الحوثي في اليمن في عام 2014 وانتشر شبح العنوسة لأسباب حملّها البعض للدولة وعجزها عن توفير الأبسط على الأقل.

وكما يقول اغلب المواطنين من بعد ظهور الميليشيات بأنواعها بدأ الوضع الإقتصادي بالهبوط الكبير الى الهاوية ناتج عنه تضرر كبير للمجتمع، وارتفاع العملات الأجنبية و أسعار المشتقات النفطية والغذائية والعلاجية، ادى ذلك الى انتشار الفقر وصعوبة تحمل تكاليف متطلبات الزواج، في حين تمسك اغلب الأسر بعدم التنازل عن المهر ابناتهم والذهب وتكاليف حفل الزفاف.

الانظمام للجماعات المتطرفة كان احد اسباب البطالة والفقر والعجز عن الزواج، حيث استغلت المنظمات الإرهابية حاجة الشباب للعمل واستدراجهم وضمهم إليها، واغراهم بالمبالغ المالية الكبيرة مقابل إنجاز بعض المهمات الإرهابية، وتصويرها لهم انها من اجل مصالح البلاد والدين، في ظل غياب الحكومة والعجز عن إستغلال طاقة الشباب لماهو مفيد لهم وللبلاد.



قامت صحيفة "تحديث تايم" بالاطلاع على حال الشباب في الشارع العدني والدخول بين أوساط الشباب لسماع رأيهم حول هذا الظاهرة، وكانت الجملة الاكثر تردداً على لسان  الشباب   "أقلهن مهراً أكثرهن بركة"  كما وكأنهم يريدون إيصال رسالة إلى الفتيات وأهلهن في ظل الوضع الصعب الذي ننعيشه“.


*انتشار الفساد*

قال الشاب صالح عبدالله " إنتشار ظاهرة تأخر عن الزواج ينتج اضرار كثيرة ويساعد على انتشار الفساد بين الشباب وايضا البنات خاصة في وجود مواقع التواصل الإجتماعي تساعد على تسهيل التواصل ودخول الشيطان بينهم خصوصاً اذا كانوا يشعرون بالوحدة في سن من المفترض ان يكونوا قد صنعوا أسرة واطفال".

وأشار عبدالله" بوجهة نظري اعتقد ان أولياء الأمور سبب في إنتشار هذه الظاهرة في رفعهم للمهور بعذر غلا الأسعار وارتفاع اسعار الذهب، ويدفع ثمن هذا الفتيات والشباب، إضافة الى شحت الوظائف حيث اصبحت الوظيفة مرتبطة بالعلاقات مع المدراء والوساطة بدلا من الشهادة والخبرة، وهكذا ينتج انتشار البطالة بشكل هائل مخيف ومحبط أدى الى إنتاج اثارا سلبية علـى مجتمعنا".

وتابع عبدالله"  أن الحل لمشكلة العنوسة تتمثل في التوحد على القواعد الشرعية وعدم الوقوف على معايير مادية جامدة, مؤكداً أن الدين الإسلامي ينظر من ناحية التيسير في كل الأمور".

وأكد عبدالله"   لا يوجد حد أعلى أو أدنى للمهور , مضيفاً “هناك ما يسمى مهر المثل وهو المهر الواجب للزوجة بحكم الواقع الاجتماعي، كما على الأهل أن يرعوا ظروف الشباب اليوم لضمانهم حقوق ابنتهم المالية فالمتطلبات كثيرة والظروف صعبة،  لافتاً إلى ضرورة التماس ظروف الآخرين وعدم التضييق على الخاطب .

ودعا عبدالله" إلى ضرورة العمل بمعيار” الدين والأخلاق ” مثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم ” إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ” دون الإخلال بحقوق المخطوبة المالية والاجتماعية".

*إرتفاع سعر الذهب*

وفي السياق نفسه؛ أوضحت نسرين احمد مذيعة بندر عدن " ارتفعت المهور بسبب ارتفاع سعر جرام الذهب اي أصبحت العملة اليمنية  في الحضيض، فارتفاع الأسعار الجنونية ،  جعل الأهالي يضطرون لرفع مهر ابنتهم حتى تستطيع ان تغطي اغلب احتياجاتها من ملابس وعطور وذهب وتكاليف حفلة غسل الخ "

وأشارت احمد" ان الأثار السلبية هي أن الشباب اصبحوا يشعرون باستحالة تكوين أسرة والشعور بالاستقرار، واضافت أنه قد يصل فيهم الي الانحلال الأخلاقي لعدم قدرتهم على توفير المبالغ الكبيرة ليستوفي متطلبات الزواج وقالت
إن نسبة ارتفاع العنوسة للطرفين في ازدياد بسبب المهور التي يطلبها الأهل الذي قد يؤدي الي الانحراف الاجتماعي والتحلل الأخلاقي، ويؤدي إلى ظهور نتائج كارثية على الأسر وعلى المجتمع وعلى البلد بأكملها".



ومازال مستمر تدشين الهاشتاغ الذي انتشر قبل عامين بين مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم، # المجلس العزابي  والذي تناول من خلاله المغردون غلا المهر في بلدانهم، وشهد الهاشتاغ تعليقات متباينة سواء تلك التي أكدت على أهمية قيمة المهر أو التي تطالب بالتخفيف منها. فقال أحدهم إن الزواج حدث جميل ومفرح ولكن البعض جعله استغلالا وديْنا، وألقت مغردة باللوم على الرجال واتهمت بعض الأزواج بمعايرة زوجاتهن في حالة ما إذا كانت قليلة المهر بدعوى أن ليس لها قيمة عند أهلها. وحمل آخر الثقافة المجتمعية مسؤولية ارتفاع المهور واصفا إياها بالسبب الأول وراء مشكلة تأخر سن الزواج في الدول العربية.

ونظرا لظروف التي تمر بها البلد في السنوات الاخيرة فبدلا من أن تعمل الأسرات على التخفيف من حدة مشكلات الزواج، نجدها سارت في اتجاه عكسي حيث ارتفاع قيمة المهور، هذا الأمر دفع بالكثير من الشباب للعزوف عن الزواج ـ ليس عزوفا من أجل العزوف ـ إنما بسبب عدم قدرتهم على توفير متطلبات الزواج المبالغ فيها، والتي هي في أكثر الأحيان تدخل في باب الترف والإسراف. هذا العزوف ترتب عليه مشكلة اجتماعية أكبر وهي ارتفاع ظاهرة (العنوسة) عند الفتيات.