عرض الصحف

الثلاثاء - 29 سبتمبر 2020 - الساعة 10:01 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/وكالات:

تشتعل خطوط النار بين أرمينيا وأذربيجان بعد اندلاع اشتباكات في إقليم ناغورني قرة باغ هي الأعنف منذ ربع قرن، وتزداد التوترات مع رصد دعم تركي لحليفتها باكو، وتسعى تركيا من خلال تلك الخطوة لنقل توترها مع موسكو من الشرق الأوسط إلى جنوب القوقاز.
وتؤكد صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، أن تركيا بدأت تؤجج الصراع بين أرمينيا وأذربيجان بإرسالها مرتزقة سوريين إلى خطوط الاشتباك دعماً للقوات الأذرية في مواجهة خصومها.
تعويم الأزمة
قالت صحيفة "العرب" اللندنية، إن أنقرة ستستغل الصراع بين أذربيجان وأرمينيا لصالحها من أجل نقل معاركها مع موسكو من منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً من سوريا، إلى القوقاز ذات الأهمية الاستراتيجية.
وتظهر تصريحات السفير الأرميني لدى روسيا، فاردان تاغانيان بأن المسلحين الذين تم طردهم من سوريا من قبل تركيا يشاركون في الأعمال القتالية في منطقة قره باغ، كيف أن الرئيس رجب طيب أردوغان لا يدخر جهداً حتى يقوم باستفزاز روسيا، في أي منطقة تتواجد فيها.
في المقابل، سعى أردوغان كالعادة إلى تعويم الأزمة في القوقاز وطالب أرمينيا، خصمه التاريخي، بالانسحاب من مناطق سيطرت عليها في أذربيجان. وقال إنها باتت مضطرة إلى حل مشاكلها بنفسها شاءت أم أبت، ولكن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانبها بكل الإمكانيات.
وبينما لم يتطرق الرئيس التركي بشكل مباشر لما إذا كانت بلاده تلعب دوراً نشطا في الصراع في الوقت الحالي، كما تقول أرمينيا، بينما تنفي أذربيجان هذه المزاعم، لكن السفير الأرميني لدى موسكو قال إن هناك 4 آلاف مرتزق قدموا من سوريا وتم تدريبهم في معسكرات المتشددين ونقلهم إلى أذربيجان.
كما نفى تاغانيان أن تتقدم بلاده بطلب إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي للحصول على المساعدة العسكرية في قضية الاشتباكات المندلعة مع أذربيجان في منطقة قره باغ. ولذلك من الطبيعي أن تتبادر إلى الأذهان تساؤلات حول ردود الفعل التي قد تقوم بها روسيا بالنظر إلى التدخل التركي في هذا النزاع الجديد في القوقاز.
دعم تركي مطلق
أكدت صحيفة "الشرق الأوسط"، أن اندلاع مواجهة بين أرمينيا وأذربيجان الجارين في القوقاز، واللذين كانا ضمن الاتحاد السوفياتي، من شأنه أن يدفع القوتان الإقليميتان روسيا وتركيا للتدخل. ودعت كل من روسيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي وأطراف أخرى إلى وقف إطلاق النار.
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى وضع حد للمواجهات. وقال، وفق بيان للكرملين، إثر اتصال هاتفي برئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، "من المهم بذل كل الجهود الضرورية لتجنب تصعيد المواجهة، لكن الأمر الأساسي هو وجوب وضع حد للمواجهات". وأضاف البيان أن "الجانب الروسي أعرب عن قلقه البالغ لتجدد المعارك على نطاق واسع".
وطالب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بوقف القتال و"العودة فوراً إلى المفاوضات". وقال "على التحرّكات العسكرية أن تتوقف بشكل عاجل لمنع مزيد من التصعيد"، داعياً إلى "العودة فوراً إلى المفاوضات من دون شروط".
ودعا مجلس التعاون الخليجي إلى "خفض التوتر القائم حالياً بين أذربيجان وأرمينيا". وأكد الأمين العام للمجلس الدكتور نايف الحجرف "أهمية حل الخلافات بالحوار والطرق السلمية وخفض التصعيد في الإقليم، وذلك في إطار القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم"، معرباً عن قلقه بشأن التصعيد بين البلدين.
أما تركيا فأعلنت دعمها المطلق لأذربيجان في مواجهة أرمينيا. ودعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العالم إلى الوقوف بجانب أذربيجان في "كفاحها ضد الاحتلال الأرميني"، قائلاً إن "أرمينيا أظهرت من جديد أنها تمثل أكبر تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة". وأضاف عبر تويتر، أنه أكد خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأذربيجاني، أن "الشعب التركي يقف بكل إمكاناته إلى جانب شقيقه الأذربيجاني"، متهماً المجتمع الدولي بأنه "لم يستطع إبداء الموقف اللازم حيال العدوان الاستفزازي لأرمينيا، واتبع مجدداً معايير مزدوجة".
وحذّر رئيس الوزراء الأرميني من التدخل التركي في النزاع. وقال: "أصبحنا على وشك حرب واسعة النطاق في جنوب القوقاز، ما يهدد بعواقب غير قابلة للتنبؤ. قد تخرج الحرب عن حدود المنطقة وتمتد إلى نظام أوسع. أدعو المجتمع الدولي إلى استخدام جميع آليات الضغط ومنع أي تدخل تركي في النزاع". وحمّل أذربيجان المسؤولية عن التصعيد الجديد، مشدداً على أن الهجوم سيلقى "رداً مناسباً".
طوران الكبرى
أشار موقع "اندبندنت عربية" إلى أن أنقرة لعبت دوراً تجاوز دعمها التقليدي لباكو، وصولاً إلى صب الزيت على النار لإشعال فتيل الصراع الحالي المتجدد في منطقة القوقاز التي طالما اعتبرتها تركيا إحدى حدائقها الخلفية، وتحديداً في إحدى أهم دول "العالم التركي" وهي أذربيجان، الحليف التقليدي لأنقرة في مقابل عدوتها اللدودة أرمينيا حليفة روسيا، فيما يرى البعض أن كلاً من أرمينيا وأذربيجان يعملان حالياً كمخلبي قط لكل من روسيا وتركيا في صراع لتصفية حسابات تنتمي لأزمات خارج المنطقة الأوروآسيوية، وصولاً إلى شمال سوريا وشرق المتوسط وليبيا.
وفي وقت أعلنت فيه معظم أطراف المجتمع الدولي دعوة طرفي الصراع إلى ضبط النفس والتهدئة ووقف إطلاق النار بشكل عاجل لمنع مزيد من التصعيد، كان لافتاً انحياز تركيا الواضح لأذربيجان، وهو موقف كان متوقعاً من أنقرة التي تصف علاقاتها مع أذربيجان على أنها علاقة "شعب واحد ودولتين"، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أكد في يوليو (تموز) الماضي أن "تركيا لن تتردد أبداً في التصدي للهجوم على حقوق وأراضي أذربيجان"، كتب عبر تويتر بالأمس، "سيدعم الشعب التركي أشقاءنا في أذربيجان بكل الوسائل كما عهدنا"، منتقداً المجتمع الدولي لعدم "رده بما يكفي، وكما يجب" على ما وصفه بـ "العدوان" من جانب أرمينيا.
ودعا رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان المجتمع الدولي إلى "ضمان عدم قيام تركيا بإقحام نفسها في الصراع" بين بلاده وأذربيجان في شأن إقليم ناغورني قره باغ.
وقال المحلل السياسي التركي طه عودة إن الموقف التركي من الصراع المتجدد بين أرمينيا وأذربيجان واضح للغاية، "وهو الدعم المطلق لأذربيحان واستعدادها للوقوف إلى جانبها، وتجسد ذلك من خلال التصريحات الرسمية التركية التي دانت الاعتداء الأرميني الأخير على أذربيجان، وعبرت عن تأييدها لباكو في ظل هذه الظروف، إذ يأتي الدعم التركي في توقيت حساس، وبعد ثلاثة أشهر من توتر كبير بين البلدين، حيث يعود الصراع بين البلدين بفصل جديد، لكن هذه المرة مع دخول دول أخرى على خط الصراع الأذربيجاني – الأرميني بهدف استثماره كورقة ضغط على أطراف دولية أخرى.
ويرى أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الروسية عمرو الديب، إن تركيا ليس فقط لها موقف داعم لأذربيجان، ولكنه "محرّك" للأحداث التي تدور حالياً، إذ يأتي التصعيد الراهن بعد اشتباكات حدودية محدودة خلال الشهور الثلاثة الماضية، تزامنت مع مشاركة تركيا في مناورات عسكرية ضخمة في أذربيجان، وإبقائها على مجموعة من قواتها هناك، وسط دعم مؤكد بالسلاح وربما بالمقاتلين بحسب تقارير عدة.
وتابع الديب أن "أذربيجان واحدة من الدول الست المستقلة عام 1991 بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وتركيا يهمها جداً أن تظهر كدولة داعمة لأذربيجان باعتبارها دولة ناطقة بالتركية، وتضم شعباً ينتمي للقومية التركية، وفق مصطلح شعب واحد ودولتين، إذ تسعى أنقرة إلى ممارسة نفوذ كبير في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى وحتى حدود الصين، في منظمة الدول الناطقة بالتركية، وهي أحد المشاريع الجيوبولتيكية التركية البديلة لمشروع العثمانية الجديدة، أي مشروع الطورانية أو طوران الكبرى، وهذا المشروع هدفه مواجهة نفوذ روسيا وإيران في تلك المنطقة، وتسعى من خلال التصعيد الراهن إلى مواجهة الضغوط التي تتعرض لها في شرق المتوسط وليبيا وسوريا، ما جعلها تتجه لإثارة الصراع الموجود بالفعل منذ عشرات السنين في منطقة ناغورني قره باغ.