عربي ودولي

الإثنين - 22 مايو 2023 - الساعة 08:00 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت / سبوتنيك

أعلنت السعودية والولايات المتحدة، الراعيتان لمحادثات السلام بين طرفي النزاع في السودان، والتي عقدت في جدة، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين.

وبحسب المعلن، ينص الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة أسبوع، يبدأ تنفيذه بعد مرور يومين على توقيعه، وبالفعل تم التوقيع على الاتفاقية مساء 20 مايو/ أيار الجاري، أي يبدأ تنفيذها من مساء غدا الاثنين 22 مايو.



وتم الاتفاق على إنشاء آلية مشتركة بين الأطراف المتنازعة ووسطاء النزاع، بالإضافة إلى الصليب الأحمر الدولي لمراقبة الهدنة.

وسبق أن وقع الجيش وقوات الدعم السريع على اتفاقيات مشابهة، لكن لم يلتزما بها، في ظل اتهامات متبادلة بينهما بخرق الهدنة، في هذا التقرير نرصد أهم ما نصت عليه الاتفاقية الأخيرة ولماذا تفشل محاولات التهدئة رغم الاتفاق عليها أكثر من مرة من قبل.

بنود الاتفاقية الجديدة

نشرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، النص الكامل للاتفاق والموقع بين الأطراف المشاركة في المحادثات؛ ممثلا عن القوات المسلحة السودانية اللواء بحري ركن محجوب بشرى أحمد رحمة، وعن قوات الدعم السريع العميد ركن عمر حمدان أحمد حماد.

ونصت الاتفاقية على أن الهدف هو تحقيق وقف إطلاق نار قصير الأمد، وذلك لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة واستعادة الخدمات الأساسية.

واتفق الطرفان على أن يطبق وقف إطلاق النار قصير الأمد في جميع أنحاء السودان، وضمان احترام جميع الجهات الفاعلة للقانون الدولي الإنساني.

والتزم الطرفان بإبلاغ السكان المدنيين بوقف إطلاق النار من خلال المطبوعات والراديو وجميع وسائل الاتصال الممكنة. وأن يقدم الطرفان معلومات دقيقة بشأن وقف إطلاق النار قصير الأمد لوسائل الإعلام.

وكذلك يلتزم الطرفان خلال فترة وقف إطلاق النار، بحرية حركة المدنيين في جميع أنحاء البلاد وحمايتهم من العنف، أو المضايقة، أو التجنيد، أو أي انتهاكات أخرى.

ونصت على أن يلتزم الطرفان بالإجلاء، والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كافة المرافق العامة، كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية.

ونص الاتفاق أيضا على أن يزود الطرفان اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمعلومات ذات الصلة بشأن جميع المحتجزين والأسرى الذين اعتقلوا أو احتجزوا نتيجة للنزاع وتمكينها من القيام بأعمالها.



والاتفاق على إنشاء لجنة لمراقبة وتنسيق وقف إطلاق النار قصير الأمد والمساعدات الإنسانية (لجنة المراقبة والتنسيق) لمراقبة التقيد بوقف إطلاق النار قصير الأمد والالتزام بهذا الاتفاق.

واتفقا أن تضم لجنة المراقبة والتنسيق ثلاثة ممثلين عن كل من الأطراف المشاركة في توقيع الهدنة، بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية.

دعوات لاتفاق شامل ومستدام

مع الإعلان عن اتفاق جدة الأخير، رحبت عدة دول ومنظمات وجهات به، بل وتفائل البعض به داعيا أن يكون بداية لاتفاق شامل ومستدام لوقف إطلاق النار بين طرفي النزاع والمستمر منذ أكثر من شهر.

رحبت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) بإعلان وقف إطلاق النار.

ففي بيان للخارجية المصرية، رحبت بالاتفاق وحثت أطراف النزاع في السودان على التوصل إلى اتفاق شامل ومستدام لوقف إطلاق النار، وأكد البيان أن "أعمال الإغاثة تحتاج إلى بيئة آمنة ولو لأسبوع"، وتابع: "نأمل أن يتم تمديد الهدنة بعد انقضائها، وصولًا لاتفاق شامل ومستدام لوقف لإطلاق النار".

وكذلك رحبت الإمارات بتوقيع الاتفاق، وأعربت عن أملها في أن يكون "خطوة نحو اتفاق شامل ودائم (...) واستعادة الخدمات الأساسية، ويمهد الطريق لإنهاء الأزمة وتجنيب الشعب السوداني الشقيق المزيد من المعاناة".

وأيضا دعا حزب الأمة القومي السوداني، طرفى النزاع أن "يكملا حوارهما للتوصل لاتفاق ينهي هذه الحرب اللعينة ويحفظ ما تبقى من مقدرات الوطن".

محاولات فاشلة

وقبل أسبوعين، اجتمع ممثلون من الجيش والدعم السريع للمرة الأولى في مدينة جدة لعقد محادثات سلام، ووقعا في 11 مايو التزاما يمهد الطريق أمام توزيع المساعدات الإنسانية في السودان، إلا أنه لم يتم الالتزام به، وتواصلت الاشتباكات بين الطرفين في وقت يلقي كل فريق باللائمة على الفريق الآخر ويحمله مسؤولية إفشال الاتفاق.

وأُعلن خلال الشهر الذي شهد اشتباكات بين الجيش والدعم السريع، أكثر من مرة عن هدنة لكنها في الغالب لم تستمر سوى ساعات قليلة في كل مرة.

وفشلت محاولة الاتحاد الأفريقي في حل النزاع في الأيام الأولى، وجاءت مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" بعد اجتماع سابق عقد بين رؤساء دول المنظمة، حيث قام رؤساء دول جنوب السودان وكينيا وجيبوتي بمهمة تقديم حلول للنزاع السوداني، ولكن لم يتمكن الوفد من الوصول إلى الخرطوم بحجة عدم وجود أجواء آمنة، على الرغم من توفر وسائل أخرى للوصول إلى مدينة بورتسودان الساحلية، سواءً بالطائرة أو البحر، وعملت "إيغاد" على تحريك عملية السلام بشكل بطيء، بهدف تمديد الهدنة وإجراء محادثات سلام بين طرفي النزاع.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، أعلن مكتب الرئيس الكيني ويليام روتو، أن الهيئة الحكومية للتنمية قررت إرسال رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي في أقرب وقت ممكن إلى السودان، من أجل وضع حد للمعارك التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى.


طرحت أحزاب سياسية وقوى مدنية ونقابات عمالية، في بداية الأزمة، تشكيل "الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية"، أبرز هذه القوى "قوى إعلان الحرية والتغيير - المجلس المركزي"، و"تجمع المهنيين السودانيين" و"لجان المقاومة"، و"حركة وجيش تحرير السودان" جناح عبد الواحد محمد نور، مقابل هذه الجبهة تشكلت أخرى مكونة من الحركات المسلحة "حركة تحرير السودان" - جناح مني أركو مناوي، و"حركة العدل والمساواة" بقيادة جبريل إبراهيم، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال" بقيادة مالك عقار، وفشلت هذه الأحزاب أيضا في وقف الحرب.

ويرجع متابعون الوضع في السودان من عدم الالتزام بالهدنات السابقة إلى عدم جدية طرفي النزاع، ورغبة كل منهما في تحقيق مكاسب على الأرض، فالجيش السوداني يتعامل مع الدعم السريع باعتبارها قوات متمردة ويجب السيطر عليها، في المقابل ترى الدعم السريع أن قادة الجيش منقلبون ولا يمثلون القوات المسلحة ولا السودان، وأمام هذا الوضع تفشل كل الهدنات السابقة، وحتى الاتفاق الأخير في جدة هو اتفاق على وقف إطلاق النار وليس اتفاقا شاملا ينهي حالة الصراع بين المتحاربين.

وقال مبارك أردول، عضو اللجنة السياسية للحرية والتغيير "الكتلة الديمقراطية"، رئيس المكتب السياسي للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية في السودان، في لقاء مع "سبوتنك"، إنه "ليس لدينا خيار سوى إنهاء قوات الدعم السريع تماما، والسودانيين لا يتحملون الآن أن تكون هناك مؤسسة أمنية خارج المؤسسات الرسمية للدولة كأي دولة في العالم، ومن المعروف أن الأنظمة التقليدية في العالم هى القوات المسلحة والشرطة والأمن، ولا يوجد مبرر لقيام أي ميليشيات تحت أي دعوى أو مبرر".


وأضاف: "إذا كانت القوات المسلحة والحكومة قد أنشأت تلك القوات في وقت سابق، جميع السودانيين يدفعون اليوم ثمن هذا الخطأ من قتل ونهب وتشريد وحروب، وأعتقد أن البشير يندم اليوم بأنه اتخذ أسوأ القرارات التاريخية التي اتخذت على مدار تاريخ الدولة السودانية، ويجب أن يكون هذا درس لدول العالم التي تعتمد على قوات خارج قواتها الرسمية، وتسمح لها بالتفوق العسكري أو توازي قدرات القوات النظامية، والقوات المسلحة السودانية مدعومة من كافة طبقات الشعب، وليس لديها خيار سوى الانتصار في تلك المعركة وتنظيف البلاد من كافة الميليشيات المسلحة".


ودفعت المعارك المتواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع الكثير من الدول إلى تكثيف جهودها لإجلاء رعاياها أو أفراد البعثات الدبلوماسية، برا وبحرا وجوا.

كما تسببت المعارك منذ 15 أبريل الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق تقارير لمنظمة الصحة العالمية، بمقتل المئات وإصابة آلاف آخرين، بينهم عمال إغاثة، ودفعت عشرات الآلاف إلى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.