تحقيقات وحوارات

الأربعاء - 29 أبريل 2020 - الساعة 05:59 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت نقلا عن سبوتنيك الروسية.

تطورت الأحداث بصورة دراماتيكية في الجنوب اليمني لتضيف أحداثا جديدة للمشهد السياسي المعقد بشكل عام منذ سنوات، وذلك بعد إعلان المجلس الانتقالي حالة الطوارىء والإدارة الذاتية للجنوب.

حول أسباب القرار وتوقيته وردود الأفعال المتوقعة وموقف الحكومة اليمنية والقوى الأخرى أجرت "سبوتنيك" المقابلة التالية مع عبد السلام قاسم مسعد، مدير مكتب الإدارة العامة للشؤون الخارجية للمجلس في الولايات المتحدة الامريكية.

 إعلان المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية للجنوب.. برأيك هل تم اختيار التوقيت المناسب إقليميا ودوليا؟

كان بيان عدن التاريخي في 4 أيار/مايو 2017 قد كلف قيادة الجنوب المنبثقة عن الإرادة الشعبية ممثلة في المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي إدارة شؤون الجنوب، وفي العام 2019 كانت المليونيات قد حددت المهمة وأطلق على العام الماضي عام التمكين، وظلت هذه المهمة حاضرة في الذهن السياسي لدى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والتزام أمام جماهير الشعب يستوجب تحقيقها في الوقت المناسب، وهذا التوقيت حددته الحالة المزرية التي أصبحت لا تطاق في حياة الشعب، ومست أمنه واستقراره ومعيشته وصحته ومستقبل أجياله بعد أن أُعطيت الحكومة أكثر من فرصة للقيام بواجبها، ولكن بسبب فسادها وفشل إدارتها، كان لا بد أن يتحمل المجلس الانتقالي مسؤوليته السياسية والأخلاقية والإنسانية أمام جماهير الشعب لإنقاذه من معاناته التي تسببت فيها الحكومة الفاشلة، لذا فقرار المجلس الانتقالي بإعلان حالة الطوارئ والإدارة الذاتية هو قرار وطني جنوني استدعت مصلحة الشعب الجنوبي الإقدام عليه.

 هل كانت لكم حسابات حول ردود الأفعال الداخلية والإقليمية..أم كان هناك تنسيق مع القوى الدولية الفاعلة؟

ندرك إن قرار المجلس الانتقالي حول إعلان حالة الطوارئ والإدارة الذاتية في الجنوب هو قرار مهم، وشكل ويشكل انعطاف تاريخي، ولهذا نتوقع أن نجد تجاهه ردود أفعال كثيرة ومن مشارب سياسية مختلفة تبعا لمصالحها، وهذا أمر طبيعي، المهم في القرار أنه لم يأت لتلبية مصالح حزبية أو جهات معينة، بل من أجل إنقاذ الشعب من حالة البؤس التي أوجدتها الحكومة، والعالم أصبح يدرك هذا جيدا، وليس هناك من سيقف ضد تحسين معيشة الشعب في الجوانب المختلفة.


الشعب يريد حياة آمنة في معيشته، الموظف وعناصر الأمنوالجيش يريدون استلام رواتبهم شهريا، المواطن يريد أن يحصل على الكهرباء والمياه في منطقة درجات حرارتها مرتفعة جدا، الناس تريد بيئة صحية آمنة وتعليم متطور وخدمات مختلفة وخالية من كل صنوف الفساد، بكل تأكيد ستكون هناك ردود أفعال سلبية من قبل منظومة الفساد المالي والسياسي والأخلاقي، التي كانت لا تعيش إلا على تعذيب الناس وحالات انعدام الأمن والاستقرار، والمجتمع الدولي والمنظمات الأممية وغيرها سئمت ابتزاز الحكومة وتدرك جيدا أن مساعداتها لليمنيين لا تذهب إلا إلى جيوب الحكومة ، ولم تجد طريقها إلى تحسين حياة الشعب كماهو مخطط له، حتى أن الكثير من الدول والمنظمات أصبح يحجم عن تقديم المساعدات، وفي أحسن الأحوال أصبحت هي التي تشرف على توظيف مساعداتها لانعدام الثقة في الحكومة ومؤسساتها، وهذا يؤكد بأنه لن يكون هناك تنديد دولي بتلك الخطوة التي أقدم عليها المجلس الانتقالي فيما يتعلق بالإدارة الذاتية الجنوبية.


هذا القرار أو الإعلان جاء بعد أيام قلائل من الحديث عن العودة لاتفاق الرياض.. ماذا حدث؟

في يناير/كانون الثاني 2018 سيطر المجلس الانتقالي على عدن بعد مطالبة الشعب بإقالة الحكومة التي تسببت بتدهور معيشة الناس وتدخل التحالف العربي لإعادة الحكومة بعد الالتزام بتحسين أدائها وتجاوز سلبياتها، لكن ظلت الأمور كما هي، وفي أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام تحت ضغط شعبي كاد المجلس الانتقالي أن يقدم على خطوة السيطرة الشعبية على مؤسسات الدولة لإنقاذ حياة الناس، وتدخل التحالف العربي ويعد بتحسين الأوضاع وبدون فائدة ولم يحدث أي تغيير، وفي أغسطس/آب 2019 بعد محاولة الشرعية التي يسيطر عليها حزب الإصلاح تفجرت حرب في الجنوب، وسيطرت المقاومة الجنوبية والمجلس الانتقالي على الوضع في أغلب محافظات الجنوب، وكالعادة تدخل التحالف العربي للتهدئة واحتضن حوار بإشراف المملكة العربية السعودية تمخض باتفاقية الرياض، وقبل المجلس الانتقالي اتفاق الرياض ووقع عليه، كي ينتهي التوتر الأمني والسياسي ويتيح الفرصة لتحسين حياة الناس في المجالات المختلفة، والتزم المجلس الانتقالي فيما يخصه في بتنفيذ الاتفاق وتنصلت "الشرعية" بسبب الانقسام الداخلي وسيطرة حزب الإصلاح وقوى الفساد على الأوضاع، ووضعت العراقيل والتصريح العلني بشن الحرب على الجنوب بعد أن حشدت قواتها تجاهه في أبين وشبوة وحضرموت، بدلا من حشدها نحو مناطق التماس مع الحوثيبن، في الجوف ومأرب وصعدة، كل ذلك كان يتم أمام نظر التحالف العربي، وها قد مر حوالي 6 أشهر دون أن يتم تنفيذ اتفاق الرياض، وكان المطلوب مهلة جديدة لتنفيذه.

 الأوضاع في اليمن معقدة ومتشابكة داخليا وإقليميا... ألا ترى أن هذا الإعلان يزيد من تعقيدات المشهد؟


لايختلف اثنان على تعقد الاوضاع في اليمن وإلا ماكانت الحرب دامت كل هذه المدة و تدخل اليوم عامها السادس، لا التحالف العربي ولا الجامعة العربية ولا مجلس الأمن الدولي استطاعوا إيجاد حل مرضي لكل القوى السياسية والعسكرية الفاعلة بل دأبت كل المساعي أيا كانت جهاتها لتهميش القضية الجنوبية، وكانت ولا زالت تضيف إلى المشهد السياسي مزيدا من التعقيد، وفي الحقيقة الجنوبيين بما فيهم المجلس الإنتقالي الجنوبي بذلوا جهودا كبيرة للمساعدة على وقف الحرب وإحلال السلام، ولازالوا يؤكدون أن بحث مسارات إحلال السلام مع تجاهل أو تهميش القضية الجنوبية وممثليها لا يساعدان أبدا على إحلال السلام في المنطقة مطلقا، وقرار المجلس الانتقالي في الإدارة الذاتية للجنوب هي مساهمة ملموسة، تجلي الضبابية المقصودة والغير مقصودة، لتبيان ميزان القوى الحقيقية الفاعلة في الساحة اليمنية، وتضع القضية الجنوبية في مكانها الطبيعي عند البحث عن حلول جادة لحل أزمة الحرب وإحلال السلام في اليمن والمنطقة.

المجلس الانتقالي لا يسيطر على كل الجنوب .. فماذا ستفعلون مع القوى الجنوبية الأخرى الرافضة للإعلان؟

المجلس الانتقالي له امتداداته وتواجده في كل محافظات ومديريات وقرى الجنوب وفي الخارج، و لديه حاضنة شعبية قوية يتكئ عليها تدعمه، و في المقابل هو ملتزم بتحقيق طموحاتها السياسية والاجتماعية والمعيشية وأمنها واستقرارها،  وقرارات المجلس تشمل كل محافظات الجنوب دون استثناء، لأن المعاناة واحدة، فأي منطقة تخضع لسيطرة الانتقالي سيديرها المجلس وفق القرار وحيث توجد قوى الإصلاح المسيطرة على بعض المحافظات كليا أو جزئيا، سينتفض الشعب لنيل حقوقه وسيكون المجلس الانتقالي سندا وداعما له.

سبوتنيك: هل يشهد الجنوب حربا داخلية .. بين موالين للمجلس ومعارضين؟

سئمنا الحرب ودعينا في أكثر من مناسبة إلى نبذ العنف والحروب وإحلال السلام، وهذا هدفنا ونهجنا، ونعلم جيدا أنه قبل إقدام المجلس الانتقالي على قرار الإدارة الذاتية، كانت تلك القوى تحضر لحرب أهلية في الجنوب تحت ذرائع مختلفة، لهذا جاء القرار للجم اصوات الحرب وحماية الشعب من نيرانها وإحلال السلام، وهذه الخطوة تجعل المجلس الانتقالي أمام مسؤولية وطنية وسياسية كبرى لجهة الواجب، نحو اتخاذ خطوات ملموسة لنهجه المعلن وخطواته السابقة لخلق الظروف المناسبة لتوحيد الصف الجنوبي على قاعدة التصالح والتسامح وقبول الآخر، فالجنوب لكل ابنائة دون اقصاء أو تهميش، وواضح من قرار الإدارة الذاتية بأنه لم يستهدف أي قوى ومكونات جنوبية، ولا العاملين بالمؤسسات المختلفة، رغم معرفة المجلس انتماءاتهم السياسية وحتى معاداتهم للمجلس الانتقالي الجنوبي، ومنحهم الحق في الاستمرار بأداء وظائفهم والتقيد بعدم ممارسة الفساد أو عرقلة تأدية المهام، والإخلال بالوظيفة العامة، ومن أراد أن يشذ ويستمر في بث الضغائن والفرقة ويدق طبول الحرب وعرقلة العمل، فإنه يضع مكانه في مواجهة مع إرادة الشعب الجنوبي بحكم تغليب مصالحه الأنانية فوق مصالح السواد الأعظم من الشعب.



 الجميع يعلم أن الانتقالي مدعوم إماراتيا... فما هو موقفكم من الرياض؟


القضية الجنوبية وكفاح الشعب الجنوبي لم تكن وليدة اللحظة أو صنيعة أي قوى خارجية فهي مؤصلة من اليوم الأول لاحتلال قوى تحالف حرب 1994 في عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح وتحالفه مع حزب الاصلاح، كنا في الحراك الجنوبي مهمشين سياسيا وإعلاميا، وكنا نتمنى من يناصرنا ولو إعلاميا، لهذا لا نمانع بل نسعى ونرحب بمن يدعمنا في أي مستوى كان من الدعم، ولن نألوا جهدا في السعي لإيجاد داعمين إقليميين ودوليين، وتبادل وتشابك المصالح سمة رئيسة في العصر الراهن، ولم تعد نقيصه كما كانت في أزمنة سابقة، علاقتنا جيدة من الأشقاء في الإمارات العربية المتحدة، كما هي جيدة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية وبقية دول التحالف العربي وتجمعنا الشراكة في مكافحة الارهاب والمصير المشترك وإحلال الأمن والسلام في المنطقة.

 هل يتراجع الانتقالي عن إعلان الإدارة الذاتية ... حال كانت هناك ضمانات وتفاوض ومكاسب جديدة؟ أم أن القرار مدروس ولا تراجع عنه؟

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ قرار الإدارة الذاتية للجنوب بعد أن استكمل دراسة كل شروط النجاح ولديه رؤية متكاملة تستوعب كل الظروف، بما فيها الاحتمالات الرامية إلى وضع العراقيل أمام تحقيق الأهداف المرجوة، وقرار كهذا لا مكان فيه للصبيانية والتقليل من شأنه كما يروج أعداؤه، كما أنه لم يأت كلعبة مسلية.

هذا قرار سياسي وتاريخي بامتياز وضمانه الأساس هو إرادة الشعب، ومثل كل الأعمال السياسية التي تدار في العالم التي لاتحكمها القداسة المطلقة، ندرك أن التغيرات في المواقف السياسية أمر لابد منه، ولكن دون المساس بالأهداف والمصالح الإستراتيجية، بمعنى أن المجلس بعد قراره هذا لا ينظر إلا أن يسير إلى الأمام وإلى الأمام فقط، وإن تبدلت أشكال الممارسة السياسية.

هل يمتلك الانتقالي قدرات عسكرية وأمنية للدفاع عن القرار وتوفير الحماية ومتطلبات الحياة للجنوبيين؟

كما جاء المجلس الانتقالي كحامل سياسي لإرادة شعب الجنوب بعد سنوات من كفاحه ضد الظلم وسوء المعيشة، جاءت معه بالتزامن المقاومة الجنوبية التي انتظمت صفوفها في قتالها كشريك مع التحالف العربي وأصبحت قوة عسكرية يشهد لها في كل المعارك المباشرة، وفي مكافحة الإرهاب وهي تدين بالولاء للمجلس الانتقالي الجنوبي، وقائدها الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي، ولن تكون إلا مع شعب الجنوب حامية له، ومكافحة من أجل تحقيق كامل أهدافه الوطنية.

 هل تسمحون بعودة الرئيس هادي إلى عدن... وما هو ردكم على حزب الإصلاح؟

لم ينس شعب الجنوب أن الرئيس هادي كان على رأس قوات الرئيس صالح في حربهم على الجنوب عام 1994، ولم ينس أن الرئيس هادي ارتكب مجزرة في المظاهرة السلمية في ساحة الحرية بعدن في الذكرى الأولى لانتخابه رئيسا توافقيا لليمن "الجنوب حينها قاطع انتخابه"، ولكن عندما هرب من قبضة الحوثيين عام 2015 إلى عدن المحررة، احتضنته عدن وشعب الجنوب كواحد من أبنائها متناسين كل اخطائه وشتائمه وجرائمه ضد الجنوب وامتدت إليه اليد الجنوبية المحررة لمناصرته، ولكن للأسف سرعان ما تنكر لكل ذلك وعاد ليقيل كل قيادات الجنوب في المحافظات الجنوبية واستبدالهم بقيادات إصلاحية، وجند الكثير وصرف أموال طائلة وطرق أبواب الدول ومجلس الأمن وكل المنظمات الدولية لمحاربة المجلس الانتقالي الجنوبي وتشويه نهجه السياسي ومقاصده الوطنية، وفشل في ذلك فشلا ذريعا، ومع ذلك ظل المجلس الانتقالي يعلن في كل مناسبة وإلى الآن اعترافه بشرعية الرئيس هادي وفي اتفاق الرياض الذي وقعنا عليه كانت تنص إحدى بنوده على عودة هادي إلى عدن بكل ترحاب.

 

أجرى الحوار: أحمد عبد الوهاب.