عرض الصحف

الأربعاء - 06 أكتوبر 2021 - الساعة 10:16 ص بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/وكالات:

يحتدم صراع التصريحات مجدداً بين الجزائر وفرنسا التي أثار رئيسها إيمانويل ماكرون مؤخراً غضب الجزائر بعد تشكيكه بوجود أمة جزائرية قبل الاستعمار، واتهامه للنظام السياسي في الجزائر بإعادة كتابة التاريخ على أساس "كراهية فرنسا".
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأربعاء، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدأ محاولة لرأب الصدع مع الجزائر خلال حديث صباحي أمس أكد فيه ثقته بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وتقديره للشعب الجزائري.
عقدة النظام الجزائري
يؤكد الكاتب خيرالله خيرالله في مقال له بصحيفة "العرب" اللندنية، أن النظام الجزائري لديه مصلحة في تحميل فرنسا المسؤولية عن كل أزماته الداخلية. المشكلة التي يعاني منها هذا النظام في غاية الوضوح. تتلخص بأنه لم يستطع بناء نظام أكثر إنسانيّة يحترم حقوق الإنسان. كان الأمل بعد الاستقلال بقيام نظام قابل للحياة أفضل من ذلك الذي كان قائماً أيّام الاستعمار.
ويقول خيرالله، إن الرئيس ماكرون أطلق ملاحظات تناولت علاقات بلاده بالجزائر خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً في ما يتعلق بدور العسكر في المشهد السياسي للبلاد ونفوذهم. ويضيف، كان فشل النظام الجزائري، الذي لم يستوعب كل الجزائريين بل باشر تمييزاً بين المواطنين بعدما اعتمد على الحقد والكراهية، في أن يكون أفضل من الاستعمار. يعيد النظام الجزائري محاولة إعادة تأهيل نفسه منذ ولادته التي كانت على مرحلتين. مرحلة رئاسة أحمد بن بلة حتى 1965 ثم مرحلة هواري بومدين المستمرة إلى اليوم وهي مرحلة سيطرة المؤسسة العسكريّة على مرافق الدولة وثرواتها.
ويشير الكاتب، إلى أن الاستعمار الفرنسي كان أخطاء كبيرة. ارتكب جرائم في حق الجزائريين. لجأ إلى الوحشية وإلى ممارسات لا علاقة لها بالإنسانية. لكن النظام السياسي – العسكري القائم منذ 1965 لم يستطع صنع فارق مع الاستعمار، خصوصاً عندما قضى على أي أمل في إنعاش الاقتصاد وقيام بلد متسامح يعيش فيه مواطنوه، أكانوا مسلمين أو يهودا بأمان.
رأب الصدع
قالت صحيفة "الشرق الأوسط"، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حاول أمس، خلال حديثه إلى إذاعة "فرانس أنتير"، رأب الصدع أولاً مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي قال عنه إنه "رهينة نظام سياسي - عسكري"، وأعرب عن "ثقته" بالرئيس الجزائري قائلاً: "أكن احتراماً كبيراً للشعب الجزائري، وأقيم علاقات ودية حقيقية معه الرئيس تبون".
وأكدت الصحيفة، أن الإشارة إلى الاحترام الكبير للشعب الجزائري يراد منها محو تساؤلاته عن وجود "أمة جزائرية" عند قيام الاستعمار الفرنسي، الأمر الذي أثار غضب أطياف واسعة في الجزائر، بما فيها داخل أوساط "الحراك".
وتضيف، وبما أن "حرب الذاكرتين" ما زالت قائمة بين باريس والجزائر، وتجعل العلاقات بينهما بالغة الحساسية، فإن ماكرون دعا إلى الاعتراف بهما معاً، وليس بواحدة على حساب الأخرى، والعمل بشكل يتيح تعايشهما.  إلا أن غياب "الاعتذار" وطلب "الصفح" عما ارتكبته فرنسا إبان الفترة الاستعمارية، جعلت الرد الجزائري الرسمي سلبياً؛ الأمر الذي يفسر اتهام ماكرون بأن التاريخ الرسمي الجزائري "أعيدت كتابته بالكامل". لكن الرئيس الفرنسي اعترف بأن هذه الإشكالية "ليست مسألة سياسية، بل هي في الأساس مشكلة فرنسية - فرنسية"، داعياً إلى مواصلة جهود التصالح "بكثير من التواضع والاحترام".
تقييم العلاقات
حضّت "المنظمة الوطنية للمجاهدين"، الهيئة الرسمية الواسعة النفوذ في الجزائر، إلى "مراجعة العلاقات" بين فرنسا والجزائر، وفقاً لما ذكرته "الجريدة" الكويتية. وأكدت المنظمة التي تجمع قُدامى المقاتلين في حرب تحرير الجزائر، أنه "آن الأوان لمراجعة العلاقات القائمة بين الدولتين الجزائرية والفرنسية"، معتبرة في بيان أن "إجراء هذه المراجعة يمثل أولوية ومسؤولية وطنية، وأنه بات ضرورياً التفكير جدياً في إخضاع العلاقات الثنائية لتقييم يطول مختلف جوانبها".
وغالباً ما تطالب المنظمة فرنسا بـ "الاعتذار" عن "الجرائم" التي ارتكبتها خلال استعمارها الجزائر على مدى 132 سنة، والتي راح ضحيّتها، وفقاً للرئاسة الجزائرية، أكثر من 5 ملايين جزائري. من ناحيته، قال نائب رئيس البرلمان الجزائري يوسف عجيسة، أمس، إنه تم إطلاق مبادرة لسن قانون "تجريم الاستعمار الفرنسي".
توتر مستمر
من جهته، يقول الكاتب السياسي مفتاح شعيب، في مقال له بصحيفة "أخبار الخليج"، إن التوتر المستمر يمثل "حالة عادية" في العلاقة بين فرنسا والجزائر؛ إذ لم يشهد البلدان أجواء سياسية صافية إلا في مناسبات محدودة ترافقت مع زيارات رسمية متبادلة على المستوى الرئاسي، وهي قليلة، مقارنة بالروابط الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الوثيقة نسبياً.
ويضيف، مع ذلك لم تفلح باريس والجزائر في تجاوز الماضي، وظلت مشاكل عديدة دون حل تعود جذورها إلى حرب الاستقلال التي خلفت ندوباً عميقة في الذاكرة الوطنية الجزائرية. وعلى مدى سنوات طويلة يطالب الجزائريون باعتذار فرنسي صريح عن جرائم الاستعمار والتجارب النووية، على الرغم من أن ماكرون وسلفه فرانسوا هولاند شجبا تلك الوقائع السوداء، وأبديا نوايا للاعتذار، لكن يبدو أن القرار ليس سهلاً في باريس، وهناك خشية من تداعيات قد تجلب المتاعب بالنظر إلى كثرة المستعمرات، ولكل واحدة قضايا عالقة ومطالب مختلفة.
ويؤكد شعيب، لا يختلف السياسيون في باريس على محورية الجزائر وأهمية العلاقة معها. ومنذ عهد شارل ديغول شكلت هذه البلاد عقدة لفرنسا بأتم معنى الكلمة، وفي كل مرة تكبر المشكلة، وربما هذه المرة الأولى التي تندلع فيها الأزمة بين رئيسين مباشرة، فإجراءات عبد المجيد تبون، جاءت رداً مباشراً على تصريح ماكرون الذي شكك في تاريخ الجزائر ونظامها السياسي، واستدعى ذلك أيضاً مواقف سياسية قوية وصلت إلى حد مطالبة "المنظمة الوطنية للمجاهدين" بمراجعة العلاقات القائمة بين الدولتين. وبالمقابل فإن اللهجة الفرنسية بدأت تميل إلى خفض التصعيد، وأعرب ماكرون عن ثقته بتبون، عارضاً "فحص تاريخ فرنسا مع الجزائر بتواضع واحترام".