اخبار وتقارير

السبت - 24 أغسطس 2019 - الساعة 11:38 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت | متابعات


كشف قيادي رفيع في جماعة الحوثيين (انصار الله) في اليمن، القصة الحقيقية لمقتل إبراهيم الحوثي شقيق زعيم الجماعة عبدالملك بدر الدين الحوثي وملابسات وخلفيات حادت القتل.

القيادي الحوثي الذي طلب عدم ذكر اسمه، وفي حديث عبر الهاتف مع وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، نفى صحة الروايات "غير المكتملة" التي أوردتها جماعة الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن حول مقتل إبراهيم بدر الدين الحوثي، مشيراً إلى أن الرواية الحقيقية الكاملة لا يعلمها إلا قلة قليلة في قيادة الجماعة.

وأكد المصدر أن كلا الطرفين، الحوثيين والتحالف، يسعيان لاستغلال مقتل شقيق جماعة الحوثيين لصالحه، لافتاً إلى أن الطرفين لم يوردا حتى الآن رواية مكتملة وواضحة عن الحادثة رغم مرور حوالي أسبوعين، مبرراً ذلك بعدم اكتمال خطة يُعدها الحوثيون لاستغلال هذا الحادث، وعدم اتضاح الرؤية بالنسبة للتحالف.

ونفى القيادي الحوثي أن يكون شقيق الجماعة قد قتل على يد ما وصفته وزارة الداخلية في حكومة الحوثيين بـ"أيادي الغدر والخيانة التابعة للعدوان الأمريكي الإسرائيلي وأدواته" في إشارة للتحالف.

كما نفى أن يكون للتحالف يد في مقتل إبراهيم الحوثي رغم تلميح التحالف لمسؤوليته بعد إعلان الحوثيين بيوم واحد عن مقتله، قبل أن يتراجع التحالف يوم الأحد الفائت ويقول إن شقيق زعيم الجماعة قُتل في حي حدة بالعاصمة صنعاء نتيجة خلافات داخلية.

وسخر القيادي الحوثي من طريقة تعامل التحالف مع هذه الحادثة، مشيراً إلى أن التحالف استقى معلوماته من بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية والمصادر التابعة للحوثيين، وانجر خلفها مع إضافة بعض التأويلات.

ولفت إلى أن ما أسماه القيادي الحوثي "غباء التحالف"، دائماً ما يخدم الحوثيين، موضحاً أن وزارة الداخلية في صنعاء، تُعد حالياً رواية لمقتل إبراهيم الحوثي تتفق في بعض جزئياتها مع رواية التحالف ستعلن عنها خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن الهدف من تلك الرواية وضع مبررات لحملة اعتقالات تطال أشخاص تشك الجماعة في ارتباطهم بالتحالف وقوى موالية له.

وأكد أن التحالف لم يستطع حتى الآن تحقيق اختراق استخباراتي داخل القيادات العليا للحوثيين (أنصار الله)، وأن إعلان المتحدث الرسمي لقوات التحالف تركي المالكي، الأحد الماضي، بأن إبراهيم الحوثي قُتل في صنعاء إثر خلافات داخلية بين قيادات الجماعة، غير دقيق.

وقال القيادي الحوثي إن ادعاءات المتحدث باسم قوات التحالف غير صحيحة باستثناء أن إبراهيم الحوثي قُتل بسبب خلافات داخلية، مشيراً إلى أن التحالف لا يعلم ما هي تلك الخلافات وخلفياتها، ولذلك لم يستطع التحدث عنها كونه استقى معلوماته من مواقع إخبارية تابعة للحوثيين.



أين ومتى قُتل؟

وفيما لم يذكر البيان الرسمي الصادر عن وزارة الداخلية في صنعاء التابعة للحوثيين، أي تفاصيل عن ما أسماها "عملية الاغتيال"، نشرت موقع إخبارية إلكترونية حوثية بعض المعلومات التي تحدثت عن أن إبراهيم الحوثي قُتل في منزل في حي حدة بالعاصمة صنعاء، بينما رجحت وسائل إعلام تابعة للتحالف أن يكون شقيق زعيم الحوثيين قد قتل في كمين مسلح استهدف موكبه على مدخل صنعاء الشمالي.

لكن مصدر "ديبريفر" أكد أن إبراهيم الحوثي لم يقتل في صنعاء كما ادعى التحالف وبعض مواقع الحوثيين، بل قُتل في محافظة صعدة المعقل الرئيس والمنبع الأول للجماعة، وذلك نتيجة وصول خلاف إلى ذروته بينه وقيادات رفيعة المستوى مقربة من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وينتمي أغلبها لمحافظة الجوف المجاورة لصعدة شمالي اليمن.

ولفت المصدر إلى أن إبراهيم الحوثي قُتل قبل إعلان الحوثيين عن مقتله بحوالي أسبوع، لكن الجماعة ظلت متكتمة على الأمر حتى تجري تحقيقاتها وتعالج أسباب الحادثة وتحاول استغلالها، وتجد مبررات لا تثير مشاكل داخل صفوف الجماعة قد تؤثر على جبهات القتال.

وذكر المصدر أن الخلاف بين الطرفين كان قد بدأ في العاصمة صنعاء قبل بضعة أشهر ووصل إلى حد التلويح بالسلاح والتهديد بالقتل.

وتحفظ المصدر على ذكر أسماء من أسماهم "الطرف الآخر" داخل الجماعة، واكتفى بالتأكيد بأن هذا الطرف عناصر قيادية ما تزال على قيد الحياة، وهي قيادات قريبة وصديقة من عبدالملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله.



الأسباب والطريقة

وأفاد بأن قيادات استشارية عليا قريبة من زعيم جماعة الحوثيين، حاولت التدخل لحل الخلاف واستدعت الطرفين إلى محافظة صعدة من أجل ذلك، وعند لقائهما في أحد الأودية بصعدة، تصاعد شجار بين الطرفين واشتبكا بالأسلحة النارية ما أدى إلى مقتل إبراهيم الحوثي وسبعة من مرافقيه، وشخصين من الطرف الآخر، وإصابة آخرين.

وكشف القيادي في جماعة الحوثي لـ"ديبريفر" عن الأسباب الرئيسة للخلاف بين شقيق زعيم الجماعة والطرف الآخر المكون من عدة قيادات في الجماعة ذاتها، مبيناً أن إبراهيم الحوثي كان مكلفاً من شقيقة عبدالملك وبالتنسيق مع المجلس السياسي للجماعة، بحل ومعالجة المشاكل المتعلقة بالمنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين.

وأوضح المصدر أن تكليف زعيم الجماعة لشقيقه إبراهيم، جاء نتيجة تصاعد شكاوى المنظمات الدولية من طريقة تعامل بعض القيادات الحوثية، ووصول بعض تلك الشكاوى إلى مكتب عبدالملك الحوثي.

وأشار المصدر إلى أن تدخل إبراهيم الحوثي في عدد من القضايا والمشاكل المتعلقة بالمنظمات الدولية، أثار انزعاج قيادات في الجماعة بعضها يشغل مناصب في أجهزة الدولة كالأمن القومي، والأمن الوقائي الخاص بالجماعة، وكانت تلك القيادات تتفرد بالتعامل مع المنظمات وتجني من ورائها مكاسب مادية، وصفها المصدر بـ"ضخمة جداً".

وبيّن القيادي الحوثي أن الخلافات نشبت بين شقيق زعيم الجماعة وتلك القيادات الرفيعة فيها، والتي شعرت بأن دورها ومكاسبها تتقلص باستمرار مع مضي الوقت لصالح مكاسب إبراهيم الحوثي، ما أدى أيضاً إلى تصاعد الخلاف حتى وصل إلى درجة تهديد الطرف الآخر لشقيق زعيم الجماعة بالقتل.

وذكر المصدر أنه وبعد تصاعد الخلاف ووصول شكوى من الطرف الآخر إلى عبدالملك الحوثي، وجه الأخير شخصيات قيادية استشارية له، بالعمل على إزالة أسباب الخلاف، وقامت تلك الشخصيات التي تقيم في محافظة صعدة باستدعاء الطرفين للقاء في صعدة في محاولة لحل الخلاف.

وقال المصدر لـ"ديبريفر" إن الطرفين وصلا إلى أحد أودية صعدة كان قد حددته تلك الشخصيات الوسيطة للالتقاء فيه، وهنالك دار حوار تطور إلى شجار، ثم إلى اشتباك بالأسلحة النارية من كلا الطرفين، ما أدى إلى مقتل إبراهيم الحوثي وسبعة من مرافقيه، ومقتل شخصين فقط من الطرف الآخر.

ولفت المصدر إلى أن إبراهيم الحوثي لم يكن نزيهاً بالقدر الذي تروج له المواقع التابعة للحوثيين، بل كان يستغل المنظمات الدولية لتحقيق مكاسب مادية، ولكن بشكل أقل من الطرف الآخر.

ويعيش اليمن منذ نحو أربع سنوات ونصف، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر العام 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.



استغلال الحادثة

وكشف القيادي الحوثي عن سعي عدد من قيادات جماعته لاستغلال حادثة مقتل شقيق زعيم الجماعة وتحميل التحالف وأتباعه المسؤولية عن ذلك، وذلك بهدف اعتقال وتصفية شخصيات تُشك تلك القيادات بأنها على ارتباط بالتحالف، وتتسبب في حالة قلق لدى قيادة الجماعة وأجهزتها الاستخباراتية.

وأرجع المصدر الحوثي، تأخر الكشف عن ما أسمته وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين في صنعاء، "أيادي الغدر والخيانة التابعة للعدوان الأمريكي الإسرائيلي وأدواته"، إلى عدم استكمال ترتيبات لتلفيق تهم معينة لعدد من الأشخاص أغلبهم ينتمون لحزب المؤتمر الشعبي العام لاسيما في جناح رئيسه السابق علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيين في ديسمبر 2017.

وأشار المصدر إلى أن توعد وزارة الداخلية التي يقودها عم زعيم الجماعة، عبدالكريم الحوثي، بـأنها "لن تتوانى ولن تألو جهداً في ملاحقة وضبط أدوات العدوان الإجرامية التي نفذت جريمة اغتيال الشهيد إبراهيم الحوثي وتقديمهم للعدالة حتى ينالوا جزاءهم الرادع" وفق تعبير بيان الوزارة، هدفه ترك الباب مفتوحاً أمام أي عمليات تقوم بها الجماعة ضد أي طرف أو شخصيات، وذلك بمبرر جاهز هو "الاشتراك في خلية مسؤولة عن مقتل إبراهيم الحوثي".

وتوقع القيادي الحوثي أن تقوم الأجهزة الأمنية التابعة لجماعته، خلال الفترة القادمة، بعمليات اعتقال لبعض الأشخاص لاسيما من تيار الرئيس الراحل علي صالح، وذلك تحت بمبرر "اغتيال" إبراهيم الحوثي، مشيراً إلى أن أهداف تهديدات الحوثيين، هو دفع أي "خلايا غير معروفة" معادية للجماعة إلى الهروب من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.