اخبار وتقارير

الثلاثاء - 07 أبريل 2020 - الساعة 06:44 م بتوقيت اليمن ،،،





في كل الجبهات شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، يتواجد كل أبناء اليمن لمواجهة المليشيا وبينهم نسبة من أبناء تعز، وربما تكون هذه النسبة أكبر بحكم أن تعز هي أكثر المحافظات اليمنية في عدد سكان، وبالمثل تشكل تعز كماً كبيراً من سكان المحافظات مقارنة بالقادمين من محافظات الأخرى، والسبب كما أسلفت أن تعز هي الأكثر في عدد السكان، وفيهم أساتذة المدارس وطلاب الجامعات وأساتذة جامعيون وأطباء ومهندسون وفنيون وإداريون وموظفون وكتاب وأدباء ومثقفون وسياسيون، ناهيك عن الحرفيين والبنائين وملاك وعمال المطاعم والبوافي والأفران.

شمالا تكاد تكون صنعاء تعزية بامتياز، وفي عدن تتشكل التركيبة الديموغرافية من ابناء تعز بنسبة اكبر عن المحافظات الاخرى الجنوبية أو الشمالية.

وبحكم الحركة والتمدن والمصالح الفردية للمواطنين، وطلب العلم والسعي لاجل الرزق فإنه من الطبيعي ان يتنقل اليمني من مكان إلى آخر سعيا لتحقيق اهدافه ومصالحه.

وعبر التاريخ تنقل الانسان اليمني من كثير من الاماكن ليستوطن في اماكن أخرى، ودون الاكليل للهمداني فخوذا لقبائل يمنية انتقلت إلى اجزاء اخرى من اليمن كأن تأتي قبائل من برط مثلا لتستوطن في إب، أو تقدم قبائل من شرعب لتعيش في مأرب، أو يأتي من ابناء، حضرموت ليعيشوا في جبلة، أو تهاجر اسر من الحجرية لتعيش في عدن، أو ينتقل بعض من ابناء يافع ليعيشوا في تعز.

وهذا الأمر مفرغ منه أن اليمني بمجرد انتقاله للعيش من مكان إلى آخر لا ينتقص ذلك من يمنيته شيئا، فكل يمني يبقى يمنيا أينما وجه وجهه في اليمن الكبير.

في الحديدة مثلا هناك أسر وبيوت يمنية تتنوع القابها واصولها من كل اليمن شمالاً وجنوباً بما في ذلك ابناء تعز الحديديون الذين يشكلون نسبة لا يستهان بها من عدد السكان في المدينة كبقية المدن اليمنية.

وعبر التاريخ اليمني تكونت المناطق الحضرية من خليط سكاني قدم من مناطق متعددة بحكم جري اصحاب المهارات والمستثمرين والباحثين عن الرزق لاجل تقديم خدماتهم وحصولهم على مصالحهم المرجوة، وعادة لا ينظر اليمنيون للقب شخص ما أو منطقته بقدر ما تنشأ علاقة أخوية صادقة بين اليمنيين للعمل سويا في المدن وتبادل الخدمات والمصالح.

وبالمثل نشأت الموانئ اليمنية شمالاً وجنوبا منذ العهود الحميرية وحتى عصر الاسلام ثم الامويين فالعباسيين مرورا بالدولة الرسولية وحتى عهود الامامة والعثمانيين.

ومن ضمن هذه الموانئ هو ميناء اليمن الشهير المخا، الذي اكتسب شهرة واسعة منذ القرن السابع عشر الميلادي بتصدير البن الذي عرف عند الأوروبيين ب"موكا كافية" وما تزال التسمية إلى اليوم.

شهد الميناء حراكا كبير وواسعا تأسسست معه مدينة المخا التي ضمت عدداً كبيراً من السكان الذين قدم معظمهم من مناطق متفرقة من اليمن لأجل إتمام التجارة والاستثمار في تقديم الخدمات هناك من مطاعم وبوفيات وقهاو، وفنادق ولوكندات يمتد ذلك منذ العهود الحميرية التي كانت فيها البداية الاولى لتسمية مدينة المخا باسم "مخن ".

لم يكن البن هو السلعة الوحيدة التي يتم تصديرها من المخا ولكن هناك بضائع كثيرة كالصبر والبخور واعواد الاراك فضلا عن تصدير الزبيب وهو ما عرف قديما لدى العرب بالمثل اليمني "عنب اليمن".

وهذا الامر استقدم تجاراً ومستثمرين وفلاحين من كل مناطق اليمن بما في ذلك شمال الشمال المزدهر بزراعة البن والعنب، فاستوطن وعاش المئات من هذه المناطق في المخا وباتوا جزءاً لا يتجزأ منها.

ولا ننس أيضا الإشارة ان اليمن عبر التاريخ كانت وما تزال بيئة طاردة للسكان، لذلك لم تقف هجرات وتنقلات اليمنيين على مستوى الداخل اليمني فحسب ولكن امتد الامر إلى هجرات كبرى من كل مناطق اليمن إلى كثير من المناطق في الجزيرة العربية والعالم وهذه الهجرات الكبيرة لليمنيين التي حصلت إلى خارج اليمن لم يكن فيها من التخوف من قبل سكان هذه المناطق من اليمنيين لأن ينال اليمنيون مزايا ومراتب افضل منهم مثلما لاقى اجدادنا الترحاب والود الذي لدى كثير من الشعوب الذين اسرهم اليمنيون باخلاقهم وطيبتهم.

انتقال الجنس اليمني من مكان إلى آخر في بلده بحثا عن رزقه أو مصالحه أو وظيفة عامة أو أداء خدمة عسكرية أمر مفرغ منه تماما انه ينتقل في وطنه ولا يحتاج للنقاش والجلبة استفزازاً من الآراء السخيفة والسطحية خدمة لجماعات ترى في تكريس العنصرية باسم "التركيبة السكانية" -النظرية القادمة من تركيا- السبيل الوحيد لتحقيق مصالحها بعد ان فشلت أمام المليشيا وتخاف ان ينتصر على الحوثيين من تختلف معهم سياسياً.