ادب وشعر

الأربعاء - 18 أبريل 2018 - الساعة 11:30 ص بتوقيت اليمن ،،،

كتب/ محمد باسنبل

منذ مطلع ثمانينيات القرن المنصرم دأب الأستاذ الدكتور مسعود عمشوش، الذي كرّس رسالة الدكتوراه التي حضرها في جامعة السوربون لدراسة (أساليب السرد في ألف ليلة وليلة وتوظيفها في الرواية الفرنسية في القرن الثامن عشر)، على الكتابة حول فن الرواية في اليمن. ففي سنة 1982 نشر دراسة نقدية رائدة عن رواية محمد عبد الولي (يموتون غرباء). وفي عام 1991 نشر بحثا بعنوان (بناء القرية وبنية الرواية: دراسة في تعثرات الرواية اليمنية) تناول فيه تجارب محمد عبد الولي وزيد مطيع دماج ومحمد مثنى وأحمد فدعق وغيرهم. كما قرأنا له دراسات أخرى عن فن الرواية مثل (النقد الروائي في اليمن)، و(العنف في الرواية اليمنية) التي تناول فيها بعض روايات وجدي الأهدل وحبيب سروري والطيب أرسلان.
وفي مطلع هذا الشهر ظهر في المكتبات الكتاب التاسع للدكتور مسعود عمشوش: (الرواية في حضرموت في تسعين عاما). وهذا الكتاب الذي صدر عن دار جامعة عدن للطباعة والنشر، ويقع في 116 صفحة من الحجم الكبير، يتضمن ثماني دراسات، من أهمها دراسة لرواية (الغناء) التي لم تصدر بعد في كتاب، ونشرتها مجلة (الإخاء) الخطية التي ظهرت في مدينة تريم سنة 1938، واتبعت بدءاً من عددها الأول تقليدا عرفته المجلات العربية منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر: نشر رواية مسلسلة في حلقات. و(الغناء) رواية أخلاقية غرامية تحكي صورة للعادات والتقاليد الحضرمية بتريم.
وقد ركز الدكتور عمشوش في الدراسة الأولى من كتابه (الرواية في حضرموت في تسعين عام)، على كيفية تصوير حياة المهاجرين الحضارم في الأرخبيل الهندي في (فتاة قاروت)، التي تعد أول رواية يمنية. وقد ألفها الأديب أحمد عبد الله السقاف سنة 1927. ويحتوي الكتاب كذلك على دراسة مكرسة لأثر البحر في روايات صالح سعيد باعامر، تناول فيها الناقد الأبعاد الجنسية وطريقة توظيف الراوي لتيار الواقعية السحرية في كل من (الصمصام) و(المكلا) و(إنه البحر). ويتضمن الكتاب كذلك قراءة لرواية سالم العبد الحمومي (هذيان المرافئ)، تناول فيها الدكتور عمشوش كيفية تقديم الراوي لحياة أحد طلاب العلم الحضارم في بلاد الجرمان. وخصص الدكتور عمشوش دراسة أخرى لتناول الطريقة التي صوّر بها عمار باطويل انتقال عددٍ كبير من المهاجرين الحضارم من المهجر الشرقي إلى المهجر السعودي في منتصف القرن العشرين، وذلك في روايته الأولى (سالمين). وفي دراسة أخرى تناول التقنيات التي استخدمها خالد لحمدي ليرتقي بلغته في رواية (صمت الأشرعة) إلى مستوى اللغة الشعرية.
ويحتوي الكتاب كذلك على تقديمٍ لأول رواية نشرها حسين سالم باصديق سنة 1976:(طريق الغيوم)، التي تحكي الملابسات والأحداث التي رافقت افتتاح مدرسة القرن الأهلية في سيؤن في مطلع الستينيات. وذكر المؤلف أن هذه الرواية قد وقعت في عدد من السلبيات بسبب توظيفها المبتسر لبعض مفاهيم مذهب الواقعية الاشتراكية الذي كان سائدا حينذاك في كتابات كثير من الأدباء العرب. أما في الدراسة الأخيرة من كتاب (الرواية في حضرموت في تسعين عاما) يقدم المؤلف كيفية تلقي (روايات باكثير التاريخية في النقد العربي).
وفي مقدمة الكتاب يذكر الأستاذ مسعود عمشوش أن الوقت لم يسعفه لتناول عدد آخر من الروايات الحضرمية، ويكتب أنه "وفق ما كتبه الأستاذ عمر بن أحمد الشاطري قام المؤرخ محمد بن أحمد الشاطري، في أربعينيات القرن الماضي، بتأليف رواية تحمل اسم (الحبّانية)، يتناول فيها ما تعانيه المرأة من تهميش وظلم في المجتمعات المتخلفة، وقد استوحى المؤلف أحداثها من حكاية امرأة من مدينة حبّان بمحافظة شبوة قتلت ضرتها خنقًا، وحُكم عليها بالإعدام عندما كان المؤرخ يعمل في سلـك القضاء بالمجلس العالي بالمكلا". ويتمنى أن يسعفه الوقت ليتمكن من دراسة رواية (الصبر والثبات) لأحمد السقاف، ورواية (عقرون) التي يتناول فيها عمار باطويل حرب 1994، و رواية (العنين) التي ينتقل فيها خالد لحمدي من تصويره الجميل للحياة في مدينة المكلا وبيئتها البحرية إلى تصوير الحياة في إحدى قرى وادي حضرموت، وكذلك روايات حسين حسن السقاف التي يتناول فيها ظاهرة الإرهاب.