الدكتور بليغ يكتب

الثلاثاء - 01 مايو 2018 - الساعة 11:30 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/خاص


كنا قد تحدثنا أيها الأحبة الكرام في الجزء الأول عن خلفية الأحداث التي واكبت تعيين المبعوث الاممي الجديد إلى اليمن البريطاني ( مارتن غريفيث ) كما تحدثنا عن خلفية الرجل وما يحمله من خبرات ومهارات وتجارب , وحاولنا أن نعدد بعض الملفات التي سيقوم الرجل بالتعامل معها في ضوء خلفيته وسيرته .
أما في هذا الجزء والذي لن يكون الأخير , فسنتحدث كما وعدنا عن لقاء (غريفيث) بالمجلس الانتقالي الجنوبي في ابوظبي , و ستتناول قراءة تفصيلية لإفادة المبعوث الدولي (مارتن غريفيث) الأخيرة إلى مجلس الأمن في الجزء الثالث والاخير .
وقبل الحديث عن لقاء (غريفيث) بالمجلس الانتقالي الجنوبي والذي تم في ابوظبي وماذا يعني وما هي القراءة المناسبة لهذا اللقاء , لابد لنا من نتكلم عن الأحداث التي سبقته والتي تبعته , حتى نضع الأمور في نصابها وضمن سردها ,بما يكفل لنا قوام الفهم والاستنتاج .
في 15 فبراير 2018 م تم تعيين (غريفيث) كمبعوث أممي خاص لدى الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن خلفا (لولد الشيخ) , وكانت أولى زياراته ضمن مهمته غالى الرياض حيث قابل الحكومة الشرعية لأول مرة كمبعوث أممي ممثلة بالرئيس هادي في 22 مارس 2018 م لينطلق بعدها إلى صنعاء ويصلها في 24 مارس 2018 م حيث التقى قيادات من الحوثيين و كذلك مع قيادات من المؤتمر الشعبي العام , وفي 31 مارس 2018 م وقبل مغادرته عقد مؤتمر صحفيا في مطار صنعاء وعد فيه بزيارة عدن والمكلا خلال الأسبوع الأول من ابريل 2018 م وثم العودة إلى صنعاء والرياض مع نهاية شهر ابريل , بعدها بستة أيام وفي 6 ابريل 2018 م غرد عبر حسابه الرسمي في موقع تويتر بأن زياراته إلى عدن والمكلا سوف تتأجل وذلك لأسباب أمنية ولوجستية .
حدث تأخير زيارته إلى عدن والمكلا لم يخل من تسريبات واتهامات هنا وهناك من تدخل الشرعية و رئيس الوزراء (بن دغر) بإقناع (غريفيث) بعدم إمكانية القيام بزيارته بسبب الوضع الأمني المتردي في عدن على خلفية أحداث يناير الماضي الدامية , وقد برر هذا الأمر من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي بخوف الشرعية من تواجد المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمثل تهديدا لها , كونها لا تتمتع بأي تواجد حقيقي في اليمن الجنوبي بخلاف المجلس الانتقالي الجنوبي .
في 8 ابريل 2018 م توجه (غريفيث) إلى عمان , و أشاد بدورها الهام في حل الوضع اليمني , كما عقد لقاءات متعددة مع وفود من الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام هناك بحسب موقع مراقب الشرق الأوسط ) Middle East Monitor ).
في 9 ابريل 2018 م توجه (غريفيث) إلى ابوظبي وهناك التقى عبدالله بن زايد وزير الخارجية وأنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية , اللذان أكدا حرصهما على سيادة و وحدة اليمن , والتقى كذلك برئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي وأعضاء آخرين من المجلس الانتقالي الجنوبي بحسب موقع جريدة الحياة.
ألان إلى الاستنتاجات التي يمكن الوصول إليها من مجمل ما سبق وهي كالتالي :
1-كان قرار (غريفيث) الأولي حينما كان متواجدا في صنعاء هو التوجه جنوبا لزيارة عدن والمكلا ولكنه غيره لاحقا مما يعني أن أمرا استجد ولم يكن معروفا لديه من قبل , والقول بأن جهود الشرعية هي السبب الرئيسي في تأجيله للزيارة المقرة ليس بكاف ولا مقنع , لسبب بسيط جدا , ألا وهو أن الشرعية وتوجهاتها و موقفها من المجلس الانتقالي الجنوبي و معرفة (غريفيث) بها كانت سابقة لهذا التغيير , ناهيك عن الاستعدادات التي قام بها المجلس لاستقبال (غريفيث) كانت قائمة على قدم وساق في عدن وبالتالي فأن هذا المستجد كان غائبا عن المجلس الانتقالي وكذلك غائبا عن الإمارات( أو انه كان معلوما لديهم ولكن اقتضت مصلحتهم عدم إعلام المجلس الانتقالي بهذا المستجد ) .
2-قبول المجلس الانتقالي المباشر بالذهاب إلى ابوظبي دون إبداء حتى قليل من الامتعاض على طريقة التغيير وتوقيتها ومكانها , يظهر بوضوح حجم تأثير الأحزاب اليمنية في المجلس الانتقالي , التي تدير المجلس لصالحها ولصالح توافقات مع الإمارات تضمن تواجدها مستقبليا في الساحة الجنوبية , ولو على حساب القضية الجنوبية , وعلى حساب تضحيات الشعب الجنوبي ( الاشتراكي ولقائه الأخير خير مثال ).
3-توجه (غريفيث) للقاء المجلس الانتقالي في ابوظبي بدل عدن , والتقائه بالقيادة الإماراتية قبل لقائه بالمجلس الانتقالي, وطبيعة تصريحات القيادة الإماراتية يحمل دلالات كثيرة , منها ان المتحكم في المجلس الانتقالي ومتخذ القرار الحقيقي فيه هي دولة الإمارات ( وبالتالي فطبيعة العلاقة التي تجمع المجلس مع الإمارات هي علاقة قائد وتابع وليست علاقة شراكة أبدا ) , كذلك فأن هذا يعني أن أي حديث أو مناقشات أو مفاوضات قد تجري مستقبلا فيما يخص الجنوب , سوف تتم بين (غريفيث) كممثل للأمم المتحدة و الإمارات كمتحكم بمصير الجنوب سياسيا وعسكريا بحكم واقع تبعية المجلس للإمارات وتحكمها العسكري فيه .
4-غياب القيادة السعودية عن هذا الاجتماع يعني أن الملف الجنوبي يدار بشكل كامل من قبل الإمارات بتفويض من المملكة .
5-تصوير الإمارات للمجلس الانتقالي وقيادته بهذه الصورة من التبعية المفرطة لها , يعني حرصها الشديد على إلغاء الصفة السياسية للقضية الجنوبية قدر المستطاع , وإظهارها كملف ثانوي ذو صفة أمنية ومطالبات مجتمعية , ومما ساعدهم ( واعني الاماراتيين) على ذلك موجة المطالبات الشعبية الكبيرة بالخدمات والرواتب وغيرها مع تواري للقضية الجنوبية السياسية , وهو ما ظهر لاحقا في إفادته كما سنشرح لاحقا .
هذه أهم النقاط بحسب اجتهادي البسيط , مع ثقتي بأن الإخوة القراء سيضيفون الكثير من ملاحظاتهم في هذا الشأن .
في الجزء الثالث والأخير سنناقش إفادة (غريفيث) وما قد يفهم ويستنتج منها إن شاء الله .
همسة في أذن الجميع : يقول الله عزوجل في كتابه العزيز (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) الاسراء 81
د.بليغ اليزيدي
عشاء الخميس
26 ابريل 2018 م