منوعات

الأربعاء - 27 يونيو 2018 - الساعة 05:17 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/متابعات

المتداول والمعروف بشكل واسع النطاق أن اليابان نهضت بمعجزة تنموية حقيقية بعد الحرب العالمية الثانية عندما ضربتها الولايات المتحدة بقنبلتين ذريتين فأنهت الاقتصاد الياباني إكلينيكيًا، حسنًا، ما حدث هو تعافي الاقتصاد وليس النهوض، فالنهوض الحقيقي بدأ من قبل الحرب بمائة عام تقريبًا.

في بدايات القرن السابع عشر وبعد أن استتب حكم اليابان لـ(إياسوا توكوجاوا) بدأ الرجل خطته لإرساء دعائم حكم له ولعائلته وقد نجح في هذا حتى وصولنا إلى منتصف القرن التاسع عشر وهو بداية نهضة اليابان الحقيقية، خطة توكوجاوا كانت واضحة وحولت اليابان لما يزيد عن مائتي عام لكوريا شمالية حالية، فحظر على اليابانيين السفر للخارج ومنعهم من بناء سفن عابرة للمحيطات وعامل – هو ومن خلفه في الحكم – الحملات التنصيرية الكاثوليكية بأشد أنواع التنكيل للمحافظة على انغلاق القوقعة اليابانية، وقد كان الأمر مفيدًا على عكس المتوقع في رفع درجة اندماج وتفرد السكان اجتماعيًا، هذا التماسك الذي استخدمه (ميجي) فيما بعد في ثورته.


بداية النهضة الفعلية كانت عندما أتى الإمبراطور (موتسوهيتو) الذي عرف بـ(الميجي) أو (الحاكم المستنير) للحكم في يناير عام 1868 وقاد حركة إصلاحية ثورية – بمقاييس عصره – قامت على مبدأ واحد هو (بلد غني وجيش قوي)، وكان اليابانيون في هذا الحين يتابعون التمزيق التام للصين أثناء حروب الأفيون من قبل قوى أوروبا وعلى رأسها المملكة المتحدة (بريطانيا)، لذلك ولتجنب هذا المصير أدركوا أن الهدف الأساسي ينبغي أن يكون (سد الفجوة الاقتصادية والعسكرية بينهم وبين الغرب).

كسرت حركة الميجي الإصلاحية عزلة البلاد وبدأت في حركة انفتاح تجارية وعلمية، ففتحت الموانئ البحرية بشكل كامل وألغت الإقطاعيات العسكرية وبدأت في تقليص نفوذ الساموراي وتجريدهم من امتيازاتهم حتى استطاعت أن تنهي تحكم الطبقة العسكرية في اليابان في ظرف ثماني سنوات تقريبًا، في نفس الوقت سمحت الحركة للفلاحين للمرة الأولى منذ أكثر من قرنين بامتلاك الأراضي الزراعية وإنتاجها مما ساهم في تكوين طبقة فلاحين منتجين، وقامت بإدخال ثورة حقيقية على نظام التعليم، كل ذلك لم يكن في ظروف مواتية وإنما قامت طبقة الإقطاعيين العسكرية والاجتماعية بمحاولة الانقلاب على الميجي مرتين في عام 1874 و1877، وفي المرتين نجح الإمبراطور في فرض سيطرته حتى انتهت الطبقة الديكتاتورية ودانت اليابان بالطاعة لموتسوهيتو.

كانت حركة الانفتاح في مجملها على مرحلتين، الأولى هي التوجه للقارة الأوروبية لأخذ ما يساعد نظاميًا الهرم الياباني الناشئ، فتمت الاستعانة بنظام الشرطة والتعليم الفرنسيين والنظام الإداري (الحكومي) الألماني، ثم كانت المرحلة الثانية فيما بعد الحرب العالمية الأولى والتوجه للولايات المتحدة لرفع كفاءة القطاع الصناعي والتوسع الاقتصادي للشركات الكبرى العاملة ونقل الإدارة الصناعية والمعرفة التقنية لها.


أنتج هذا الاستنساخ الواعي في المرحلة الثانية تصاعدًا اقتصاديًا لأول قوة شرقية خارج نطاق القوى التقليدية (أوروبا والولايات المتحدة)، وتكون نسيج شديد التماسك من اتحاد الدولة بأجهزتها بقيادة إصلاحيي ميجي (العسكريين أيضًا) مع اتحاد شركات القطاع الخاص وهو اتحاد تكون من مجموعة ضخمة من الشركات الخاصة اليابانية العاملة في مجالات الصناعة والتجارة والشركات المالية مكونة فيما بينها ما عرف باتحاد (زايباتسوا) والذي هيمن حتى ما قبل الحرب العالمية الثانية على نصف الأنشطة الاقتصادية في البلاد.

ثم أتت الحرب العالمية الثانية.