ادب وشعر

الجمعة - 16 نوفمبر 2018 - الساعة 04:44 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث/ خاص:


قدم يوسف سنجارى كتابه "القرآن والتاريخانية.. مدخل إلى فكر فضل الرحمن"، ويعد من أهم الدراسات التى تناولت فكر المفكر الباكستانى فضل الرحمن.

حاول كتاب "القرآن والتاريخانية.. مدخل إلى فكر فضل الرحمن" أن يتقصى إضافات فضل الرحمن، وهى دراسة تندرج ضمن مسار فكرى نشط يرنو إلى تجديد قراءة التراث ومراجعة ما علق به من مسلمات لمساءلتها وخلخلة الواهن منها، ولقد حاول يوسف سنجارى أن يقلب أهم القضايا الكبرى التى شغلت فضل الرحمن وكانت موجهة لتفكيره عبر مؤلفاته المتعددة، فأبرز النظرة التاريخانية التى رافقت مسيرته الفكرية.

ولعل قيمة هذه الدراسة، وهى مدخل إلى فكر فضل الرحمن، تكمن فى أنها لفتت النظر إلى أن هذا المفكر الباكستانى قد تمكن، بجرأة طروحاته ودقة منهجه وسعة اطلاعه على ما كتبه المسلمون والمستشرقون حول الإسلام، من الانخراط فى نهج قراءة جديدة للتراث من غاياتها أن تخلصه مما علق به من رؤى وأحكام ومسلمات، هى فى الغالب مسقطة عليه بفعل إكراهات السياسة والتاريخ.

وتتمحور أطروحة يوسف سنجارى حول أصلين من أصول التشريع فى الإسلام، وهما القرآن والسنة فى فكر فضل الرحمن. فهما مرجع التشريعات الإسلامية ما كان منها صريحاً وكذلك ما كان استخلاصه لا يكون إلا بتأويل. ولئن كان فضل الرحمن، كما يقدمه صاحب الدراسة، مقدراً هذين الأصلين حق قدرهما فإنه يلح مع ذلك على ضرورة استلهام البعد التاريخانى فى أحكامهما، فإنعام النظر فى حكم تحريم الخمر أو فى حكم إباحة تعدد الزوجات يجعلنا نستخلص -كما توضح ذلك الدراسة- القيمة التى يوليها القرآن للظروف الاجتماعية وحتى النفسية للمجتمع العربى فى ذلك الوقت، وهو ما يعنى بحسب الدراسة أيضاً أن فضل الرحمن يقر ضمنياً بأن بعض الأحكام القرآنية قد تكون أحكاماً مؤقتة.

لكن الطريف فى فكر فضل الرحمن، كما يقدمه يوسف سنجارى، هو موقفه من السنة، حيث تلاحظ الدراسة أن الكثير مما علق بالسنة يحتاج إلى مراجعة تتوسل بنظرة تاريخانية. وعلى أساس تلك النظرة يمكن التمييز بين "السنة المكتوبة" و"السنة المعيشة"، فإن الكثير من الأحاديث المنسوبة إلى الرسول متأثرة بمراحل تدوينها والرؤى والمواقف السياسية التى قد تكون وجهتها.. وعلى هذا الأساس تستصفى هذه الأطروحة مفهوم السنة من منظور فضل الرحمن فتبرز قيمة فكره وراهنيته، فكأن من أهداف هذه الأطروحة تأكيد الحاجة إلى قراءة لتراثنا تنخرط فى أفق تجديده استئناسا بالنظرة التاريخانية لذلك التراث واهتداء بمنجزات المناهج والمفاهيم الحديثة كالتأوبلية وغيرها.