تحليلات سياسية

الجمعة - 26 أبريل 2019 - الساعة 05:15 م بتوقيت اليمن ،،،

تحديث نت/خاص

يبدو أن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، ماض في سياساته التي تهدد تماسك دول التحالف العربي، فبعد أن جمع القوى السياسية الشمالية من شتات دول العالم، في مدينة سيئون متحديا الإرادة الجنوبية الجامعة، ضاربا بالحائط تضحيات الجنوبيين في مشارق الجبهات ومغاربها، عاد مؤخرا ليطلق معركة إعلامية ضد دور الإمارات في الجنوب وفي اليمن بشكل عام، عبر أبواق مأجورة عُرف عنها علاقاتها بالسفير آل جابر.
ولم يمض غير ساعات عن لقاء ضم السفير السعودي بالسياسي علي البخيتي، حتى يطالب الأخير بخروج الإمارات من اليمن، في توجه واضح ومعلن بأن آل جابر قد أعلن الحرب الباردة على الدور الإماراتي في اليمن، غير آبه بتصدع حلف الرياض وأبوظبي، في اليمن.
وعلى الرغم من تصاعد الصوت الجنوبي الرافض لاستمرار محمد آل جابر ممثلا لخادم الحرمين، في اليمن إلا أن آل جابر مستمر في التصعيد ضد الجنوب وخلال الفترة الماضية شرع في ترميم الوجوه السياسية الشمالية التي عفى عليها الزمن وفشلت أن تقدم نموذجا تثبت أنها رجال سياسية عندها القدرة على إدارة الدولة، سواء بفشلها في خوض معارضة عبر أحزابها، أو بفشلها بعد تمكنها وسيطرتها على الدولة بعد العام 2012.
وبرأي مراقبين فإن سياسات محمد آل جابر، تقوم على الازدواجية في الملف اليمني، إذ أن سياسات التحالف الذي تقوده المملكة في اليمن قائمة على مكافحة الإرهاب الذي يهدد المنطقة، سواء عبر جماعة الحوثي أو الجماعات المتفرخة عن جماعة الإخوان المسلمين.
غير أن آل جابر شرع في خطوات من شأنها أن تمكن تلك الجماعات من حكم اليمن، وتعيد جهود التحالف إلى المربع الصفر.
ويأتي الهجوم على الدور الإماراتي في الجنوب، بعد النجاحات التي تحققت خلال السنوات الماضية، حيث كان الجنوب قبل التواجد الإماراتي ميدان لصراع قوى النفوذ الشمالية، ولم تتورع تلك القوى حتى من استخدام القاعدة وداعش، لإسقاط مدن جنوبية وذلك من أجل قطع الطريق على قوى الحراك الجنوبي حتى لاتتمكن من السيطرة على الجنوب وإعلان قيام الدولة الجنوبية.
وبرأي محللين فإن كل النجاحات التي تحققت في الجنوب خلال الثلاث السنوات الماضية، بفضل جهود الإمارات، تسبب في حرج للقيادة السعودية التي تدير ملف اليمن، وبرغم مرور أكثر من خمسين عام على عمل الجانب السعودي في اليمن، إلا أن الفشل كان عنوان لتلك السياسات وفي كل المنعطفات التي مرت بها اليمن، والسبب يعود في ذلك إلى سوء اختيار الحلفاء الحقيقيين ، وكل من تتحالف معهم الرياض وتمدهم بالمال والسلاح والنفوذ كانوا هم السبب الرئيس في تمكن الحوثيين والقاعدة وداعش في اليمن، وعلى خلاف تلك السياسات تمكنت أبوظبي من بناء علاقات وثيقة مع القوى السياسية والعسكرية الجنوبية، حققت بتلك التحالفات انتصارات كبيرة مكنتها من الوصول إلى العمق في الشمال حيث المربعات المحسوبة إيدلوجيا على جماعة الحوثي، في مناطق مابعد الحديدة وفي محاذاة صعدة .
في غضون ذلك، ترتفع أصوات جنوبية تشيد بالدور الإماراتي في الجنوب، وتبعث تلك الأصوات رسائل همس دبلوماسية إلى الرياض تؤكد أن سياساتها في اليمن قائمة على الفشل بسبب الازدواجية في التعاطي مع القضايا الثابتة المشتركة من حيث المصلحة والضرر بين اليمن والإمارات والسعودية.
في موازاة ذلك يشن نشطاء التواصل الاجتماعي هجوما عنيفا على السفير السعودي محمد آل جابر، ووصف مغردون آل جابر ببريمر اليمن، بسبب تدخلاته الفجة في الشؤون اليمنية التي تجاوزت الأعراف الدبلوماسية حيث بات الحاكم العسكري لليمن.
وفي حديث ل"تحديث تايم"
الصحافي وليد الحضرمي اعتبر أن "سياسة السعودية في اليمن ككل والجنوب خاصة خاضعة لديناميكية عفى عليها الزمن"، واصفا هذه السياسة بأنها تنطوي على "عقلية منغلقة لا تتعلم من أخطأ الماضي ولا تحاول حتى استيعاب متغيرات الحاضر".
ويوضح: "طوال أكثر من ٣٠ عاما رسمت السعودية خارطة تحالفات في شمال اليمن؛ حاولت شراء ذمم زعماء القبائل لجعلهم أداة طيعة في خدمة أجندتها، لكن معظم من كانت تراهن على دورهم في حسم حرب اليمن تخلوا عنها بل انقلبوا ضدها".
ويرى الحضرمي أن "من يدعون إنهم إلى جانبها السعودية هم أنفسهم يتعمدون توريطها في جرائم لن تسقط بالتقادم".
ويؤكد "الرياض بدلا من أن تلغي اللجنة الخاصة التي كانت مسؤولة عن إخفاقاتها في شمال اليمن، تعمم التجربة في جنوبه"، مبديا استغرابه اعتمادها على "وجوه شمالية إصلاحية، ستحرص بدورها على سيادة روح الكراهية للسعودية في اليمن ككل لتفشل مشروعها وتجعلها تدفع ثمن حربها على الأخوان المسلمين وخلافها مع قطر".

وتتستر الرياض تحت يافطة البرنامج السعودي كأسلوب يهدف إلى تنويع أدوات التعامل مع الوضع في اليمن الذي يشرف عليه السفير السعودي محمد آل جابر، وهو عبارة عن واجهة لتقوية نفوذ المملكة تحت شعار خدمي وتنموي، من أجل خوض حرب ناعمة، الهادفة إلى تطويع الناس وحصر اهتمامهم في شؤون معيشتهم من أجل تحقيق أجندتها في اليمن.
ولم يقتصر الهجوم على الدور السعودي في اليمن على اليمنيين، حيث هاجمت صحف ومراكز بحثية دولية سياسات الرياض في اليمن وعلى رأس تلك المراكز مؤسسة كارينغي، الأمريكية التي وصفت سياسات الرياض بالفاشلة، واعتبرت رهانات المملكة على الجماعات القبلية والدينية رهانات خاسرة، جعلت من اليمن واحدة من أخطر بلدان العالم تهدديدا الأمن والسلم الدوليين.