تحليلات سياسية

الثلاثاء - 04 يونيو 2019 - الساعة 04:42 م بتوقيت اليمن ،،،

أخيراً بدأت السعودية، تدرك أن احتضانها لقيادات حزب الإصلاح اليمني، فرع الأخوان المسلمين، قد كلفها الكثير من سمعتها الدولية، وساهم بشكل مباشر في عدم حسم الحرب في اليمن خصوصا مع خروج قطر من التحالف العربي، ودعمها للحوثيين نكاية في الرياض وأبوظبي.
قناة "العربية" المملوكة للسعودية، توصلت لهذا الاستنتاج المتأخر ضمنياً، من خلال استدعائها لتحليلات مراقبين يمنيين، والاستناد على الكثير من التقارير الدولية، التي أكدت بأن إطالة أمد الحرب في اليمن وعدم حسم المعركة مع الجماعة الحوثية عسكريا خلال السنوات الماضية، ضاعف من سيطرتها على مقدرات المؤسسات اليمنية، كما منحها الوقت الكافي للحصول على الأسلحة الإيرانية المهربة، بمعية خبراء يعملون على تطوير قدرات الجماعة وإعادة تجميع ما يصلها من طائرات مسيرة وصواريخ، كانت اخر مغامراتها قصف ناقلات نفط في ميناء الفجيرة الإماراتي، والهجوم الصاروخي على منشأة ارامكو النفطية.
كما أنه طوال السنوات الماضية عكفت الجماعة على تجريف الثقافة المجتمعية لمصلحة ثقافتها الإيرانية الخمينية، كل ذلك، يرى مراقبون جعلها أكثر جنوحاً في الوقت الراهن إلى السلام، بالذات مع تنامي ثقتها اللامحدودة بعدم وجود إرادة لكسرها عسكرياً، بما في ذلك انتزاع الحديدة وموانئها منها وبقية مناطق الساحل الغربي لليمن، فضلاً عن تضييق الخناق عليها بالزحف نحو صنعاء نفسها، حيث تفرغت ألوية الجيش اليمني في محافظة مأرب للأعراس الجماعية وحماية القيادات الإرهابية المطلوبة دولياً، وتفريخ عناصرها للعبث بأمن الجنوب واستهداف قواته وكوادره الأمنية والعسكرية.
لكن الرياض مازالت متمسكة بالنغمة ذاتها التي تعتقد بأنها كفيلة بإضعاف الحوثيين، الانقسامات الداخلية، وصراع القيادات، حيث بدات تراقب  حيثيات الخلافات بين ابن عم زعيم الانقلابيين في اليمن، محمد علي الحوثي، ورئيس المجلس الانقلابي مهدي المشاط، بعد الاجتماع الذي حضره الأول بمعية قيادات ما يعرف بـ "المجلس السياسي الأعلى" للتخطيط لإزاحة الثاني، وفق ما أفادت صحيفة "الشرق الأوسط".
ونقلت الصحيفة، عن مصادر مطلعة أن اللقاء الذي رأسه الحوثي في غياب المشاط، جاء ليكشف عن عمق الصراع بين أجنحة حكم الميليشيات الانقلابية، حيث يعتقد الحوثي أنه الشخص الأولى بمسك زمام الانقلاب ورئاسته وليس المشاط الذي يرى فيه الحوثي عدم أحقيته بذلك لجهة عدم انتمائه إلى سلالة زعيم الجماعة.
 وحرص الاجتماع على التعليق على نتائج قمم مكة الثلاث، مثنياً على الأدوار الإرهابية لحزب الله اللبناني، كما وجه الشكر لزعيم الحزب حسن نصر الله، الذي ترى فيه الجماعة وكيلاً محلياً لطهران على قدم المساواة مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وتوعّد الحوثي خلال الاجتماع بمزيد من التصعيد العسكري لميليشياته عبر إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على الأراضي اليمنية والسعودية، في إصرار على إرهاب جماعته وعدم رضوخها للسلام والانصياع لقرارات المجتمع الدولي بما في ذلك القرار 2216.
من الواضح أن عودة السعودية للرهان على انهيار الحوثي من الداخل، غير مجد، فالجماعة مسيطرة على كل مفاصل الدولة في الشمال، ونهج الحديد والنار في قمع أي محاولة للتمرد أتى اوكله، خصوصا بعد تخلصها من الرئيس السابق علي عبدالله صالح بقتله دون أدنى مقاومة، والمضي قدماً في مشروع (حوثته) المؤتمر الشعبي العام، وجعله مجرد أداة سياسية رخيصة تتبع أجندتها في الداخل والخارج عند انعقاد المفاوضات مع الحكومة الشرعية لإيقاف الحرب، كما أن الحديث عن ملامح ثورة كان البعض يتوقع بنية الشيخ القبلي سلطان السامعي تفجيرها بوجه الحوثيين، رفضاً لتجبرهم وتحكم المدعو احمد حامد بمقاليد السلطة في الدولة واستحواذه على أكثر من منصب ونهبه للمال العام، بات غير منطقي، بعد تراجع حدة نبرة السامعي، ومحاولته امتصاص غضب الحوثيين بالعودة للخضوع والاستكانة كعادته، بل أن هناك من ذهب أبعد من ذلك بقراءته المشهد من زاوية مختلفة مرجحاً أن السامعي مجرد كومبارس في دور مفضوح أراد من خلاله الحوثيين إظهار مدى الديمقراطية التي يتمتع بها مجلسهم السياسي المزعوم، إلى جانب تأهيله لقيادة المؤتمر الشعبي العام في المرحلة المقبلة.
هناك من يرى بأنه طالما بقيت السعودية تتنظر الخلاص من الحوثي بانهيار جبهته الداخلية، وعدم الضغط على قوات الشرعية المسيطر عليها حزب الإصلاح للتحرك في أكثر من جبهة خصوصاً مأرب والتقدم صوب صنعاء، فأنها تمنحه مزيداً من الوقت للتحصن بالقوة والدعم العسكري الإيراني، وإقناع الشعب في الشمال بأنه بات سلطة أمر واقع معترف بها دوليا ومستفردة بالحكم دون منازع.