الدكتور بليغ يكتب
رسالتي إلى الأستاذ د. عبدالله النفيسي ... لمن الفخ اليوم ؟ الجزء الأول
الإثنين - 14 أغسطس 2017 - 11:39 م بتوقيت عدن
- تحديث نت / خاص .
حسنا ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ د. عبدالله النفيسي أستاذ العلوم السياسية المحترم ,,,
تحية طيبة مملؤة بالمودة لك ولشعب الكويت الشقيق وبعد ...
ها أنا أستاذي القدير أفيق من وعكة صحية استمرت أربعة أيام بلياليهن, وعكة لم يمر علي مثيل لها في ألمها وشدتها وسحقها لجسدي طوال 38 عاما التي عشتها حتى الآن , وعكة لم يقدر فيها عقلي, ما يعانيه جسدي من وهن و تعب وارق , فكان يسارع في تلك الأوقات القليلة القصيرة التي يستعيد فيها أي مريض قليل من العافية وصفاء الذهن إلى حثي باستعجال للنظر إلى آخر ما ورد من أخبار عبر وسائل الاتصال الاجتماعي خصوصا مع هذا التسارع والتعقيد الشديدين للأحداث , وللألم طريقته في التذكير وربط الأمور ببعضها البعض فكان من الأفكار القليلة التي زارتني بثقلها في خضم صراعي مع المرض , حقيقة المقال المنسوب إليك حول الوضع الخليجي ؟! يرافقه رابط لفيديو على اليوتيوب معنون بطريقة مسيئة وخبيثة, تحكي فيه حال أهل العراق ممن لو كنت في وضعهم لما مانعت الولاء للدولة الإسلامية , فمضطر أخاك لا بطل, والواقع يفرض نفسه دائما رغم كل الأماني أو الآمال أو حتى الأوهام في بعض الأحيان , ولا أخفيك أستاذي القدير أن العبد الفقير إلى رحمة ربه الذي يحدثك لطالما استأنس بما تقدمه من آراء بتلك الملامح المألوفة الهادئة والصوت العميق الأجش ولغة الجسد السلسة المسترسلة للدكتور والمفكر عبدالله النفيسي , وقد اختلف معك أو اتفق , ولكني دائما اسعد بسماع ما لديك من أراء لما فيها من واقعية تبتعد عن انتقاء الألفاظ وجماليتها إلى التعامل مع مرارة الحقيقة , فلا اختلف عن البقية من بني جيلي من شباب الأمة المسلمة عموما وشباب الجنوب خصوصا , الذين وجدوا أنفسهم , خاصة في هذا الوقت من تاريخ البشرية الذي انقلبت فيه الموازين وشوهت المفاهيم لصالح القوة لا الحق وصار العاقل فيه حيرانا , أصبحتا في حاجة شديدة لعقول رجال علماء من أمتهم من ذوي التجربة والثبات وحسن الرأي ممن يفهمون هذا العالم وهذا الزمان وحقيقة ما يجري فيه , ويجتهدون قدر ما رزقهم الله من علم وفهم سوي قويم قائم على العلم , للقيام بدورهم الطبيعي المناط بهم كعلماء في توجيه الأمة والنصح لها , على قاعدة الرب العليم الرحيم العدل في كتابه الأجل الأعظم حين قال (إنما يخشى الله من عباده العلماء) , حيث الخشية من الله والخوف من حسابه يوم يقوم الناس لرب الناس هو المعيار الصحيح المعتمد , بعيدا عن المؤسسات الدينية وأدوارها الفاسدة والمفسدة وشخوصها ومصالحها وارتباطاتها وتحالفاتها مع غيرها من المؤسسات, فكنت من القلة الذين أجد فيهم ما ذكرت أو هكذا أحسبك ولا ازكي على الله أحدا, اقلها حتى الآن .
و رغم طلب كثيرين من الأهل و الأصدقاء والزملاء والقراء المتكرر لي بالكتابة إليك وإيصال صوت الحق الجنوبي وتوضيح وضع اليمن الجنوبي وشعبه وثورته وحقيقة ما يجري فيه , و رغم أرائك التي كانت تجد حنقا شديدا و كبيرا هنا في الجنوب لما فيها من ظلم للجنوب وأهله وقضيته ومجافاة لحقيقة واقعه , رغم كل ما ذكرت لم أجد من الظروف أو حسن التوقيت ما يضمن أن تصلك الرسالة بوضوح , وكذا يضمن جلاء الرؤية , بعيدا عن تأثير الإعلام الذي يروي نسخته المعدلة بحسب مصلحته , وبعيدا عن اثر القومية العربية التي حقن بها جيلك وعاش معتنقا لها زمنا طويلا والتي نعيش نتائجها اليوم , بعيدا عن تأثير حركات الإسلام السياسي وفشله في إيجاد موطئ قدم له في النظام العالمي الجديد , وبعيدا عن أي قراءة أو تراكم لحقيقة ما حصل للشعب الجنوبي وما واكبه من تغيرات أو تطورات في أي مجال من مصادر حكم شمالي احتلالي , إلا اليوم .
فالسيف اصدق أنباء من الكتب أليس كذلك؟ , وهذا الميدان يا حميدان , والمية تكدب الغطاس , فلم يعد الخليج كما كان في زمنكم الأول , ولا الاقتصاد والسياسة العالميين أيضا, فقد أصبحت التحديات التي تواجهكم الآن مختلفة وأكثر تعقيدا , وما اقتراحك أو توقعك لبقاء الدول الثلاث الكبرى وزوال الصغرى إلا محاولة للقراءة والاجتهاد والتنبيه , شأن أي مفكر ؟
وهنا أريد أن أذكرك بحديث لك صدر مؤخرا عبر تغريدة بخصوص الجنوب والذي نصها (" تشكيل ما يسمى ( المجلس الانتقالي) في جنوب اليمن برئاسة الزبيدي، يَصب لصالح التمدد الإيراني في اليمن، وإن ادعى العكس . وبيننا الأيام" ,,,
ثم تغريدة أخرى ("دولة ( الطرف) هي التي تموّل حركة الزبيدي في الجنوب اليمني، وإيران هي الكفيلة بالإخراج السياسي للفيلم. خذوا حذركم يا عرب الجنوب"
ولن أورد ما قلت في الشأن القطري ومواقف المملكة والإمارات وتحذيراتك فانا اتفق معها في العموم وليس هذا محلها .
ولكني استغرب أمرين , الأول : التغريدة الأولى كانت أن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي في (الجنوب) هو لصالح التمدد الإيراني في اليمن (كاملا)؟؟ , بينما التغريدة الثانية تجعل دولة (الطرف) بحسب تعبيرك هي الممولة والكفيلة بالإخراج , وعليه يجب أن نأخذ حذرنا نحن عرب (الجنوب) ؟!!
الثاني : أننا نستوعب هنا في اليمن الجنوبي تماما ما حصل في شأن المجلس الجنوبي الانتقالي بما له وما عليه , لكننا لا نستوعب لماذا يجب علينا وعلينا فقط دون بقية أهل الجزيرة العربية أن نكون متحملي الضريبة الأكبر من مآسي لا تتوقف ودم مسفوك لأبنائنا و مستقبل مجهول لمن بقي منهم في حرب المصالح التي تجري في اليمن و دون أي مقابل؟!! ,بل إننا لا نستوعب كيف يمكن لمفكر مثلك يقدم نفسه للأمة كعالم يخشى الله أن يتحدث بهذه البرغماتية العالية لصالح (الخليج) وفي نفس الوقت يطلب وينبه الآخرين من عرب (الجنوب) في المقابل إلى وجوب التضحية على أساس المصير المشترك؟!, ودعني أورد لك حادثا بسيطا حصل معي مع المفكر العربي القومي الخ الخ سمه ما شئت عزمي بشارة وعلى موقعه في الفيسبوك قبل سنوات حين وضعت موضوعا بعنوان ( لن نكون وقودا يحترق لصالح حلمكم أيها القوميون العرب ) والذي انتقل من أسفل قائمة المواضيع إلى أعلاها نقاشا, ثم أصبحت ممنوعا من الكتابة والنشر في صفحته , بعد أن حذف الموضوع بأكمله بالطبع , إنني أورد لك بهذه القصة القصيرة مثالا حيا شخصيا عشته لنوعية (المفكر العربي"المنافق") الذي تصنعه أدوات الإعلام ومصالح الكبار ومشاريعهم , تصنعه بالبناء على جهل الشعوب و الذي مللناه , وأصبحنا أكثر إدراكا لوجوده وحجم تأثيره , فلم يعد التلفاز مصدر معلوماتنا الوحيد , ولم يعد يكفينا أن نتنقل بين القنوات لنقارن بين مواقف الدول لنرى التوجه العام وأين تتفق الأطراف وفي أي ملفات تختلف , وتجاوزنا أدوات قراءة الرأي العام وقياسه وكيفية صناعته , وأصبحنا نفهم معنى المشاريع الحقيقية التي تجري من حولنا وكيف تدار وما هي المصالح التي تقف وراءها والتي لا تعترف بالحدود أو الدين أو الطائفة والمذهب , ولم تعد اللحي الطويلة وتكرار أحاديث يسبقها ذكر النبي عليه الصلاة والسلام على ألسنة هؤلاء من المنتسبين للمؤسسات الدينية ومعتلي منابرها , يحولهم فجأة إلى مصدر تشريع أو كنيسة جديدة تحتكر الحق الإلهي في الأرض وتنفذ مشيئته, ولم يعد يروي عطش عقولنا وبحثنا عن الحلول الحقيقية التي يعيشها مجتمعنا الجنوبي بقضيته وثورته ومستقبل أجياله القادمة ذلك الكلام المليء بأنصاف الحقائق أو سحر البيان أو استثارة العاطفة , فقد أجبرنا واقعنا المرير منذ 90 م وحتى الآن إلى أن نخضع كل شيء للعلم والبحث و النظر لتجارب من سبقونا , كما أجبركم واقعكم اليوم على مراجعة حقيقة اتجاه المجتمع الدولي وصناع القرار فيه نحو بلدانكم ومستقبلكم ومستقبل أجيالكم , مع فرق بسيط بيننا وبينكم الا وهو طول خبرتنا وطول المدة التي قضيناها , فهل من جديد عندك , قائم على الخوف من خالقك , والصدح بالحق اتجاه الجنوب وأهله ؟ قائم على الحقائق التي اتضحت في الحرب المستمرة إلى الآن ؟ قائمة على حقيقة كوننا قبائل مسلحة عبر تاريخنا كله؟ قائمة على حقيقة حجم مشاركتنا في تاريخ الأمة الإسلامية منذ بداية دعوة النبي الأعظم محمد بن عبدالله العدناني عليه الصلاة والسلام ؟ وأمور أخرى لها حينها .
ودعني أعيدها مرة أخرى بصيغة تتناسب مع مقام الحديث وعدل المعاملة بالمثل ( لن نكون وقودا نحترق لصالح امن مؤسسات عروشكم الملكية وأمنكم الاقتصادي يا أهل الجزيرة العربية ).
هذا الحديث لم ينته بعد يا دكتور ...
وللحديث بقية
همسة في أذنك : لا فات الفوت ما ينفع الصوت ...
د.بليغ اليزيدي اليافعي الحميري القحطاني
فجر الاثنين
14 أغسطس 2017 م
dr_b_alyazeedi@yahoo.com