آخر تحديث :الأربعاء-29 مايو 2024-11:03م

الدكتور بليغ يكتب


قضية الشهيد قماطة ... بين سندان الخلط الجنوبي وركاب الملفات الأمنية ...

قضية الشهيد قماطة ... بين سندان الخلط الجنوبي وركاب الملفات الأمنية ...

الخميس - 17 أغسطس 2017 - 07:23 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص .


حسنا ...
ها أنا أعيد نفس السؤال , الذي نسأله في كل حدث يمر على ثورة الشعب الجنوبي , ما الذي حصل فعلا للشهيد قماطة ؟ هل هو حادثة جنائية , أو نتيجة لخلاف قبلي , أو نتاج لصراع مناطقي , أم مظهر لخلاف سياسي ؟ أم هو شيء آخر ؟ هل ما حصل له يعني الجنوبيين جميعا , أم انه لا يختلف عن الإحداث الفردية التي سبقته ؟
فالإجابة على هذا السؤال ستسهل بلا شك الطريقة الأفضل والأصح للتعامل معه فمعرفة مكمن العلة نصف العلاج, والاهم أن الإجابة ستكشف حقيقة ما يجري للشعب الجنوبي .
وفي غياب المعلومات والتفاصيل الكاملة و المؤكدة الموثقة حول هذه الحادثة الأليمة , وتعدد التفسيرات واختلاف التبريرات , وكذا التحليلات البريئة وغير البريئة , أجد أن الخوض في المعلومات وتفاصيلها لا يجدي ولن يقدم جديدا , وان الافطن والأكثر حكمة النظر إلى طبيعة هذا الحادث وما سبقه ولأي ملف يتبع .
فالواضح حتى الآن أن الحادث لا يأتي ضمن ملف سياسي , وليس ضمن ملف اجتماعي فبلي أو اقتصادي , بل يأتي ضمن سياق ملف امني , وهذه هي أهم نقطة وأكثرها حساسية والتي يمكن لها تفسير هذا الحادث وما سبقه من حوادث كما يفسر ما سيأتي من حوادث , كذلك هذا التفسير سيمكننا من التعرف والكشف على الأطراف المستفيدة منه والمستثمرة له وكيفية مواجهتها والحلول الممكنة لهذا الملف الأمني , وهنا أريد أن أحيل الإخوة الاكارم من القراء الأفاضل إلى مقال سابق كان بعنوان (دول التحالف وأثرها على مسار القضية الجنوبية ... قراءات . الجزء الأول .) ففيه من التوضيح ما يزيد الموضوع جلاء و بيانا .
إن محاولة تطبيق الأساليب والمقاربات الأمنية وتقديمها كحلول لمشاكل سياسية تحمل في طياتها معاني كثيرة , كما تحمل مظاهر مختلفة ومتعددة , ويكفي للجنوبيين أن يعودوا إلى تجربتهم وثورة شعبهم الجنوبي وحراكهم السلمي ضد نظام الاحتلال وقوى الحكم في صنعاء بكل ما فيه ليستفيدوا كثيرا في معرفة ما يجري لهم حاليا ولصالح من تدار وكيف يمكنهم مواجهتها .
فمثلا هذه الطريقة والمقاربة الأمنية تعني فشل الطرف الموجه لها في مواجهة القضايا السياسية وإفلاسه أمامها وتعني أيضا عدم رغبته في إعطاء هذه القضايا السياسية حقها من النقاش والحوار على سبيل إيجاد الحلول المناسبة لها , يعني أيضا محاولة تأخير تقدم هذه القضايا السياسية نحو مسارات الحل بإشغالها ببؤر توتر وصراع بيني تضمن له استقطاب جزء من المدافعين عن هذه القضايا السياسية لخلق صراع متعدد الأطراف , الذي يمكنه من إدارة هذه القضايا السياسية وملفاتها وبالتالي حرفها عن أهدافها الكبرى نحو أهداف اصغر.
ولتلك المقاربة الأمنية مظاهر عديدة أيضا , تظهر مثلا في حجم دعمه للنشاطات الأمنية وحرصه على إبقاء هذه النشاطات متعددة الجهات ومتباينة الآراء والمصالح , تظهر كذلك في تناسيه المتعمد لتراكمات الإجراءات المباشرة وغير المباشرة لهذه المقاربة الأمنية مع الحفاظ على مركزية السلطة بيده , تظهر أيضا في إرجاع التقصير حال حصوله أو تحمل المسؤولية عن نتائج الأعمال والنشاطات الأمنية إلى الأطراف البينية المتصارعة وتنصله وتبرئه منها , و لا يخفى عليكم أيضا حقيقة حصره لأي معالجات اقتصادية أو اجتماعية للمجتمع الذي يمارس فيه هذه المقاربة في أضيق الحدود بما يسمح له بإبقاء المجتمع مستفز المشاعر و مشغولا بنفسه , وهذه ليست إلا أمثلة كما ذكرت .
يبقى السؤال الأهم في ضوء ما سبق ما هو الحل بالنسبة للمجتمع الذي تمارس فيه هذه المقاربات الأمنية في مواجهة قضاياه السياسية وأهدافه الوطنية ؟وكيف يمكن له أن يتعامل معها دون أن يخل بقضاياه السياسية؟
والحقيقة أن الحل كالسهل الممتنع , فهو ممكن في حال تآزر قوى الثورة الحية وتفهمها لأهمية الثبات في القضايا السياسية الكبرى كالقضية الجنوبية , والتأكيد على بقائها أولوية تحت أي الظروف أو المتغيرات أو المستجدات , والعمل على كشف هذه المقاربات الأمنية وكيفية عملها والية تنفيذها وارتباطها بالآلة الإعلامية وكيفية توجيهها للمعلومات أو أنصاف الحقائق وتوقيتها ,وبالتالي نتائجها السيئة على الفرد والمجتمع , و الحرص على بيان الفرق في التعامل بين القضايا الأمنية والقضايا الاجتماعية وعدم الخلط بينهما , و إيضاح أن كشف هذه المقاربات الأمنية ليس في حد ذاته كفيل بإفشالها فقط , ولكنه أيضا سيساعد على كشف الأطراف المديرة لها والداعمة والمغذية لها بجلاء أمام المجتمع الجنوبي .
إن الحل الأفضل للثورة الجنوبية كملف سياسي مصيري للشعب الجنوبي , ينبغي في الحفاظ عليها وإبقاؤها أولوية دائمة , والحل الأفضل أيضا للمجتمع الجنوبي وفي سبيل الحفاظ على روابطه الاجتماعية مستقرة محمية آمنة يتمثل في كشف الملفات الأمنية أمام الرأي العام الجنوبي والتنبيه لخطورتها , وهذان خطان متوازيان لا يتقدم احدهما على الآخر أو يتقاطع معه ويعارضه .
ولذلك أتمنى من الإخوة من أهل الاختصاص في علم الاجتماع وكذا ذوي الخبرة من الأمنيين المشاركة بالإيضاح في هذا الشأن الهام والملح و تقديم نصيحتهم للمجتمع الجنوبي حماية له من الخلط وحفاظا عليه من نار الفتنة .
الخلاصة انه يجب على المجتمع الجنوبي بكافة قواه النظر إلى قضية الشهيد قماطة وما شابهها من حوادث سابقة وقادمة كملف امني موجه ضد الشعب الجنوبي وضد ثورته , وبالتالي فمواجهتها هي واجب على كل جنوبي , وتعني كل جنوبي على الأرض الجنوبية .
همسة : إذا عرف السبب بطل العجب ... والخلط بين المفاهيم أصل كل علة ...
د.بليغ اليزيدي
عصر الخميس
17 أغسطس 2017 م
dr_b_alyazeedi@yahoo.com