آخر تحديث :الأربعاء-29 مايو 2024-11:03م

الدكتور بليغ يكتب


دول التحالف وأثرها على مسار القضية الجنوبية ... قراءات . الجزء الثاني

دول التحالف وأثرها على مسار القضية الجنوبية ... قراءات . الجزء الثاني

الإثنين - 28 أغسطس 2017 - 11:48 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص .


كنا قد تحدثنا في الجزء السابق عن طبيعة المنطلقات والعقليات في دول التحالف وكيف حددت هذه المنطلقات والعقليات ما يحصل في المشهد اليمني عامة والجنوبي خاصة من ردود افعال وتعاملات مع الأطراف وكيف مكنتنا من تفسير التناقضات الحاصلة هنا وهناك .
واليوم سنتحدث عن ما يمكننا قراءته من دور دول التحالف في الجنوب وما يتم صنعه من مؤسسات دينية أو أمنية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية من قبلهم في الجنوب وما هي التأثيرات التي يمكن أن تنشا من هذه المؤسسات وكيف هو تأثيرها على مسار القضية الجنوبية, وسيجد الكثير من الإخوة كثيرا من التشابهات بين فترة حكم نظام صنعاء وبين فترة تواجد دول التحالف في الجنوب .
وحتى نتمكن من تقديم هذه القراءة وجب علينا أن نقدم السؤال التالي : هل قامت دول التحالف بإقامة وجودها في المناطق المحررة أي الجنوب فقط وحصرا لإيجاد حكم و موطئ قدم لها في الجنوب لتتخذه منطلقا لعملياتها العسكرية ضد قوى الحكم في الشمال الممثلة في تحالف الحوثي وعلي عبدالله صالح بدماء الجنوب وأبنائه؟ وكيف تم لها ذلك ؟.
أن هذا السؤال وإجابته أيضا ليست منفصلة عن ما طرحناه في الجزء الأول , فتواجدهم لن يستمر طويلا , وهم سيغادرون الجنوب دون أدنى شك كسابقيهم , ولكنهم سيفعلون ما فعله سابقوهم , و ذلك بإيجاد وبناء مؤسسات تمكنهم من إبقاء سيطرتهم على المصالح الجنوبية وتوجيهها لصالحهم في الجنوب عبر هذه المؤسسات الوكيلة لهم و التي صنعوها خلال فترة تواجدهم في الجنوب .
وقد يقول قائل متسرع أنني بهذا الحديث أعارض الثورة الجنوبية ومسارها , فالثورة الجنوبية في هذا التوقيت في حال تحالف الضرورة مع دول التحالف , وهنا أريد أن اسأل هذا القائل لماذا يجب أن يكون مسعانا في الثورة الجنوبية نحو استقلال بلدنا وسيادتنا عليه و هدف ثورتنا الجنوبية الاستراتيجي في بناء دولتنا متعارضا مع تحفظنا وانتقادنا لتواجد دول التحالف والمؤسسات التي تصنعها وتمولها وتتحكم بها في الجنوب؟!!
فمهما حاول البعض أن يغير الألفاظ أو الدلالات في تواجد دول التحالف فإنها في النهاية لا تعترف بثورة الشعب الجنوبي السلمية التحررية, ولا تضحياته ولا فعالياته , لا تعترف بالحراك الجنوبي ولا أهدافه ولا مساعيه , لا تعترف بالشهداء الجنوبيين ولا قيمة دمائهم ولا الهدف الذي ماتوا عليه , ومهما حاول الكثيرون من الشيوعيين ومعتلفي الشرعية وقيادة الأحزاب اللاوطنية والمتكتكين تحوير هذه الحقيقة أو تغطيتها أو إيجاد التبرير والأعذار لها وإلباسها لباس يستر العورات , فإنها لا تنفع أمام هذه الحقيقة ووقائعها وما صنعت من أوضاع إنسانية وصحية وأمنية سيئة ولا أخلاقية في الجنوب .
وكل هذا حصل جزئيا بسبب تقديم دول التحالف لقيادات جنوبية ثورية تسيدت هذا الموقف (المتكتك) الموالي والتابع والمنقسم بين دول التحالف وأطرافه بطاعة عمياء دون أي تفاهمات أو اتفاقيات أو إيضاحات حول مصير ثورة الشعب الجنوبي وأهدافه ومصير دولته المفقودة, هذه البيئة التي تمكنهم من بناء مؤسسات وكيلة لهم بواجهة جنوبية ثورية لا تحمل من ثورة الشعب الجنوبي وهدفه السامي إلا اسم وصورة بلا جوهر , وأنا حين أقول هذه الحقيقة فإنني لا أقدم أي قدح أو شتم أو انتقاص لهذا القيادات أو دورها , فانا احمل لكثير منهم الاحترام والتقدير الشديدين , ولكنهم حين غلفوا هذه الطاعة العمياء لدول التحالف ب(التكتكة) عن قصور في الفهم أو تسرع في الحكم أو لأي سبب كان , في حقيقة الأمر قد قالوا وداعا للقضية الجنوبية , قالوا وداعا للهدف الجنوبي الأسمى , قالوا وداعا لتلك الدماء الطاهرة الزكية التي سقطت لأجل ثورة الشعب الجنوبي وهدفه في التحرير والاستقلال وسيادة دولته على كامل ترابه الوطني .
وكان السبب الثاني لهذا الوضع المأساوي الذي وصلنا إليه هو صمت العقلاء , صمت أرباب الفهم والفطنة والحكمة في أوساط شعبنا الجنوبي , صمت الذين يعلمون , صمت أهل الرأي السديد عن قول الحق والصدح به , صمت عجيب غريب لا ادري ما سببه أو أي عذر قبيح سيقدم لهذا الذنب العظيم أمام هذا الشعب العظيم ؟!!
أن هذه المؤسسات التي شكلتها ومولتها ودعمتها ولا تزال دول التحاف و التي سنتحدث عنها في الجزء القادم ونشرح أثرها الحالي والمستقبلي على الشعب الجنوبي وثورته ومستقبل دولته , أكدت جزئيا رأي بعض الجنوبيين الساخط حول حقيقة تواجد دول التحالف جنوبا و دوره , لكن هذا الرأي لم يستطع أن يقدم حجة قاطعة لهذا الرأي , كما انه لم يقدم أي نوع من الحلول أو البدائل لهذا الوضع القائم في الجنوب .
أنني هنا أريد أن أرسل رسالة كررتها كثيرا سأكررها ولن أمل تكرارها إلى العقلاء وأهل الرأي من شعبنا الجنوبي , إلى متى هذا الصمت أيها الأحبة , إلى متى هذا الجبن في قول الحق أو تلطيفه تماشيا مع المزاج العام أو مجانبة للصدام مع المزايدين أو نكاية شخصية بالمخالفين لكم في الرأي قوى وأحزابا , إلى متى هذا الصمت عن المأساة التي يذوقها شعبنا الجنوبي الصابر المرابط كل يوم والتضحيات التي تزداد قساوتها مع كل ثانية تمر .
همسة في أذن العقلاء الصامتين بلا سبب والمقصرين في أداء دورهم وواجبهم الطبيعي في المجتمع الجنوبي والذين سيقفون أمام خالقهم و باريهم وسيسالون : يقول الله العليم العظيم الحكيم الحكم العدل في كتابه العزيز العظيم الكريم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم :
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8) سورة الجمعة
د.بليغ اليزيدي
ليلة الاثنين
28 أغسطس 2017 م