آخر تحديث :السبت-28 سبتمبر 2024-05:19م

الدكتور بليغ يكتب


دول التحالف وأثرها على مسار القضية الجنوبية ... قراءات . الجزء الثالث

دول التحالف وأثرها على مسار القضية الجنوبية ... قراءات . الجزء الثالث

الخميس - 14 سبتمبر 2017 - 08:23 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص .

حسنا ...
ها نحن نستـأنف حديثنا حول التحالف وأثره على مسار القضية الجنوبية وكنا قد تحدثنا في الجزء الأول عن طبيعة المنطلقات والعقليات الحاكمة في دول التحالف وكيف حددت هذه المنطلقات والعقليات ما يحصل في المشهد اليمني عامة والجنوبي خاصة من ردود أفعال وتعاملات مع الأطراف وكيف مكنتنا من تفسير التناقضات الحاصلة هنا وهناك .
وفي الجزء الثاني ذكرنا المؤسسات المختلفة التي صنعها التحالف ودوله في الجنوب وما لها من اثر حالي ومستقبلي وتحدثنا أيضا عن الأسباب التي تخص الجنوب وشعبه وثورته و التي مكنتهم من العمل بهذه الأريحية في الجنوب.
ولما كانت الردود المختلفة التي وصلتني تؤكد على غياب أية حلول أو مقترحات أو بدائل لما أقدمه من وصف ونقد وتؤكد لي أن الجنوب السياسي بوضعه الحالي وأطرافه بما لها وما عليها لم يتوصل حتى الآن إلى معرفة واضحة ومحددة حول ماذا يريد التحالف من الجنوب؟؟ ويكأن كل الحقائق المشهودة أمامهم وكل الشهادات التي وصلتنا من الجنوبيين الذين زاروا دول التحالف تلبية لدعواتهم لا اثر لها عندهم ويا للعجب !! وتطالبني أيضا بتقديم الحلول أو المقترحات في غياب البدائل المتاحة (بحسب وجهة نظرهم ), ولذلك سيكون هذا الجزء خاص بوجهة نظري المتواضعة حول البداية الحقيقية واعني (الحوار الحقيقي) الذي لابد أن يتم بين دول التحالف بإشراف الرعاة الدوليين من جهة وبين الأطراف الجنوبية الفاعلة و الذي يصنع الطاولة المناسبة لتحقيق التفاهم الجنوبي وكذلك الندية الحقيقية مع دول التحالف من جهة أخرى.
وهنا لابد من التأكيد على ما نقصده بمصطلح ( الحوار الحقيقي) , فالمعلوم أن دول التحالف وخاصة السعودية والإمارات قد قامت بدعوة كثير من الجنوبيين على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم وقناعاتهم إلى أرضها وجلست معهم وتحدثت واستمعت إلى ما لديهم من أراء ووجهات نظر, بل وتبنت أيضا أطراف بعينها نالت شرعيتها من تأييد الجماهير الثورية الجنوبية وأهدافه , ووفرت لها الدعم , فهل كانت هذه الدعوات هي دعوات (للحوار الحقيقي) مع الجنوب السياسي وأطرافه وقواه ؟ هل كان حوارا علنيا محدد النقاط والأسس وهل كان حوار مبنيا على الأسس الثابتة لثورة الشعب الجنوبي وهدفه الأسمى في الاستقلال واستعادة سيادته على كامل ترابه الوطني قبل التوقيع اللاشرعي على مشروع الوحدة بين الشمال والجنوب ؟
إن ما استعرضته من نقاط في الأسئلة السابقة الذكر تمثل في الحقيقة أسس (الحوار الحقيقي) الايجابي والمنتج والذي يضع قضية الشعب الجنوبي وثورته التحررية السلمية في موضعها الصحيح .
ولأجل تذكير الإخوة الجنوبيين ممن لهم علاقات مع التحالف وإيضاح المقصد وتقريبه للقارئ الكريم حول ماهية (الحوار الحقيقي) اضرب مثالا من واقع تجربة وما وصلني من الإخوة ممن لبوا هذه الدعوات وحضروا هذه اللقاء والحوارات , فقد التقيت بأحد الإخوة ودار بيننا حديث ودي بدأ بتوجيه السؤال لي حول ماهية قراري حال تلقيت دعوة من التحالف للحوار حول القضية الجنوبية وملف مستقبل الجنوب سياسيا ؟ وقد كان ردي أن هذا يعتمد على طبيعة الدعوة وكيفيتها ومستواها , و لسبب ما يبدو أن ذكري لهذه التفاصيل البسيطة أشعل فكرة ما في ذهن الأخ العزيز, وقد بدا هذا واضحا من اتساع حدقة عينيه و إعادة ترتيبه لجلسته , فاستطرد يسألني عن ما اعنيه بطبيعة الدعوة وكيفيتها ومستواها , فأجبته أن طبيعة الدعوة يعني هل هي شفهية وتزكية بقوائم مكتوبة كعادة العابثين , أم أنها مكتوبة وموثقة وصادرة من وزارة الخارجية مثلا , أما كيفيتها فاعني به هل الدعوة كانت لحضور مؤتمر أو ندوة أو لقاء تشاوري مع رجال الدولة من ذوي المناصب العليا الصانعة للقرار مع نقاط عريضة واضحة وبينة أم أنها مجرد دعوة لحديث بين شخصين يتبادلان الآراء , وهنا أوقفني الأخ الكريم فجأة وسألني بنوع من الريبة وما الفرق هنا أو قل كيف يمكننا أن نعرف الفرق ؟ ابتسمت ابتسامة خفيفة وكأنني فهمت ماذا يقصد محدثي , وقلت له الأمر جد بسيط فإذا ما كانت الدعوة التي تلقيتها هلامية الملامح وتمت المقابلة بنقلك من غرفة متواضعة المستوى أو مع موظف متواضع المستوى ثم تدرجت نحو الأعلى حتى مستوى معين , وناقشت قضايا لاجوهرية فأن المقصد الحقيقي لم يكن أبدا نحو حوار حقيقي حول أي قضية , وإنما كان المقصد تغذية غرورك وتعظيم إحساسك الوهمي بأهميتك , وذلك لتحويلك من محاور في طاولة مستديرة إلى مجرد تابع , ودون علمك واستنادا على جهلك أيضا, ولن اصف لكم تعابير الاستغراب ولدرجة ما تعابير الندم التي ظهرت عليه , والتي لملمها بسرعة , وحاول تلافي النظر مباشرة نحوي وهو يسال طيب وماذا عن مستوى الدعوة ؟ فرددت بأن مستوى الدعوة يساعد كثيرا في تحديد جدية الحوار من عبثيته , فدعوة رسمية من دائرة مكتب مخابراتي لا تتساوى أبدا مع دعوة رسمية من ووزير الداخلية والتي بدورها لا تتساوى مع دعوة رسمية من قمة رأس السلطة والحكم .
بعد كل ما ذكر أود من جميع الإخوة الجنوبيين أيا كان الطرف الذي ينتمي إليه أو يؤيده ممن قدمت لهم الدعوات لحضور (حوار التبعية المزيف ) أو ممن حضورها أو ممن ستصلهم دعوات ,أود منهم مراجعة أنفسهم والتفكير مليا لما حصل لهم أو سيحصل لهم حقا وما هي تبعات الانجرار لهذه الدعوات ولهذا الحوار الزائف ...
همسة تنبه الجميع إلى خطورة الزيف وأهمية الحقيقة وأثرها على مسار أي أمر من أمور الحياة : يقول الرب الرحيم بعباده في كتابه العظيم الذي جاء به رسول الرحمة والحق :
وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) الإسراء
د.بليغ اليزيدي
عصر الخميس
14 سبتمبر 2017 م
dr_b_alyazeedi@yahoo.com