آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

الدكتور بليغ يكتب


الحكمة ضالة الجنوبيين والظلم عدوهم ... والحقيقة بطبيعتها مؤلمة. الجزء الرابع

الحكمة ضالة الجنوبيين والظلم عدوهم ... والحقيقة بطبيعتها مؤلمة. الجزء الرابع

الجمعة - 01 ديسمبر 2017 - 09:26 م بتوقيت عدن

- تحديث.نت / خاص


بسم الله الهادي المتعالي القائل في كتابه العظيم الكريم (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ ) سورة الأحزاب , واصلي واسلم على سيدنا وحبيبنا في ذكرى مولده الشريف والقائل في ما صح عنه فيما رواه مسلم في الصحيح من حديث تميم الداري وله شواهد عند غير مسلم، قوله صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) نستكمل هذه السلسلة ونناقش في هذا الجزء بناء على طلب كثير من الأخوة القراء و الذي يمثل الجزء الرابع قضية هامة فرضتها الأحداث الأخيرة من تحديات أمنية و من مواجهات تمت بين المقاومة الجنوبية بقيادة الأخ أبو همام والحرس الرئاسي الخاضع لسيطرة وقرار وتوجيه اللص سيء الصيت رئيس مجلس الوزراء بن دغر (بحسب ما يفهم وما صدر من محافظ العاصمة عدن المستقيل الأخ عبدالعزيز المفلحي ) وكذلك إعلان أسماء الجمعية العامة الصادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الأخ عيدروس الزبيدي .
وقد صاحب هذه الأحداث جلبة كبيرة بين معارض ومؤيد ومنتقد ومستغل وموظف لها سياسيا وحزبيا لصالح أهداف غير وطنية أبدا , ولكن الذي غاب عن الكثيرين وفاتهم ملاحظته في جميع هؤلاء أنهم بقصد أو بدون قصد , بنية حسنة أو سيئة جعلوها باتجاه الخلاف البيني الجنوبي , وكأن الفكرة التي فهمت من نتاج هذه الأحداث وكيفية حصولها , وفهم الإطراف المحركة لها , وفهم أهداف هذه الأطراف , أنها أطراف جنوبية مختلفة في وجهات النظر و أنها تدير هذا الاختلاف البيني بنظرية الصراع وأساس فرض الآراء على الآخرين بمنطق القوة الدموية , أو هكذا يظهر المشهد لأي متابع حصيف , لكن.., , لحظة من فضلكم أحبتي , دعوني أراجع معكم أمرين الأول ما هي الأسس التي قامت عليها ثورة الشعب الجنوبي وحراكه السلمي التحرري, والتي لأجل تحقيق هدفها عانى الشعب الجنوبي ولا يزال يعاني الأمرين , ويقدم التضحيات العظيمة , ودماء الشهداء الزكية , ويتحمل واقع الفقر بكل همومه وآلامه , وما يعانيه من غياب الأمن وعبث سلطات الشرعية ولصوصيتها وحرمانه حتى من راتبه المستحق الذي لا يسمن ولا يغني من جوع , و التي قامت عليها قضيتنا الجنوبية وما هي فكرتها؟ , والثاني على أي أساس قامت فكرة تلك المظاهر الصراعية التي ظهرت و نراها في حالتنا الجنوبية وعلى أي أساس قامت وما هي حقيقتها؟, ثم دعونا نراجع سويا الفرق بين الفكرتين, وهل يمكن لهما ان يجتمعا ؟ وما هو التفسير الممكن لوجود التناقض بينهما إن وجد هناك تناقض ؟!
لنبدأ بالفكرة الأولى , الفكرة التي قامت عليها ثورة الشعب الجنوبي وحراكه السلمي التحرري مع كافة أشكاله ومظاهره و التي كانت المقاومة الجنوبية آخرها والتي حددت أهدافه منذ بداياته الأولى , والتي لم تقم على أساس أو فكرة عرقية أو مذهبية , ولم تقم على أساس اقتصادي أو اجتماعي , وكذلك لم تقم على أساس التشوه في الهوية الذي لحق الشخصية الجنوبية كما يحاول البعض جهلا تسويقه , بل قامت على أساس إنساني وأخلاقي وديني ثابت الا وهو تحقيق وإقامة العدل في هذه الأرض وإعادة الحقوق إلى أهلها , وهذا هو أصل الحق الجنوبي واصل قوته في جميع أوجهه و في كافة مجالاته .
وقد كانت هذه الفكرة وهذا الأساس الذي يستند على إقامة وتحقيق العدل في الأرض الدافع الأقوى والمنبع الأسمى الذي أعطى لثورة الشعب الجنوبي الاستمرار , و وقاها من العبث , وصانها من الانحراف , فالاحتلال الذي طال أرضنا لم يكن على أساس عرقي جهوي , ولم يكن على أساس مذهبي , ولا على أساس اقتصادي , يشهد بهذه الحقيقة الثابتة مواقف الشعب الجنوبي تجاه السلطات التي تغيرت في واقع الاحتلال الذي نعيشه حتى الآن , فقد كانت السلطة عفاشية احمرية , ثم انتقلت في مرحلة ما إلى احمرية اخوانجية , ثم صارت حوثية زيدية , وهي الان سلطة سعودية اماراتية بواجهة دنبوعية شرعية كما يشهد واقع الحال , و رغم تعدد وتنوع وتغير واجهات سلطة الاحتلال في عرقيتها وجهويتها ومذهبها و واجهتها إلا أن موقف الشعب الجنوبي كان ثابتا رافضا للاحتلال وداعيا لإقامة العدل وإعادة الحقوق إلى أهلها , إعادة سيادة الأرض الجنوبية إلى أهلها الجنوبيين , وستجد أن هذه الفكرة هي الوحيدة القادرة على تفسير الحالة والواقع الجنوبي مع كل ما يبدو للمتابع العادي كتناقضات وليست بتناقضات, والتي توجد هنا وهناك , و أكثرها وضوحا وبلاغة وتعبيرا , هو التجمعات الجنوبية الثورية الهائلة والمتكررة للشعب الجنوبي وتلبية الشعب الجنوبي لدعوات إقامة الحق , والتي يناقضها بحسب الكثيرين عدم قدرتنا (كجنوبيين) على إنتاج وحدة سياسية تمثيلية للقضية الجنوبية , فيما الحقيقة ان هذا التناقض ليس تناقضا أبدا , بقدر ما هو اختلاف وفرق هائل بين فكرة إقامة العدل في الأرض التي اعتنقتها جماهير الثورة الجنوبية وحراكها السلمي التحرري ومقاومتها الجنوبية الباسلة و وبين فكرة المصالح الحزبية والتنظيمية وطبيعتها , ولعل هذا يفسر أيضا الفرق في المواقف بين موقف المقاومة الجنوبية القوي في مواجهة اللص سيء الصيت بن دغر بقيادة ابوهمام و موقف غيرها من أطراف المقاومة الجنوبية التي تتبع هذا الطرف أو ذاك والتي اختارت مع الأسف أن تكون في موقف المتفرج .
فيما تروي الأحداث الأخيرة فكرة مختلفة تماما , فكرة إدارة و تحقيق مصالح الأحزاب غير الوطنية , بين الأحزاب اللاوطنية , فالكل بأنانية مفرطة وتبعية مقيتة و ذاتية متطرفة مجرد من أي خلق, يريد ان يثبت لطرفه الراعي وجوده على الأرض وقدرته على التأثير في المسار الجنوبي , بالتهديد واالوعيد ومقارعة الآخر الجنوبي المواجه , ولا بأس في خضم ذلك المجهود الموجه لإرضاء الراعي وتثبيت وتأكيد الولاء له من إراقة الدماء البريئة , والفحش في اللصوصية والتفنن في السرقة , وتعذيب المواطنين البسطاء في كافة واجهه حياتهم , واستخدام الكذب الشنيع المتكرر , فها هو الشيوعي الأسبق المؤتمري السابق و رئيس الوزراء الحالي اللص سيء الصيت بن دغر يصف انهزامه أمام المقاومة الجنوبية وعجزه عن إشعال فتيل الفتنة وإراقة دماء الإخوة بأيدي بعضهم البعض, بانها حفظ لدماء الناس وانتصار للحكمة!!
وهنا يفرض علينا الحديث أن نتساءل , ما هي الفكرة التي يحملها المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي؟ خصوصا بعد نشر الأسماء التي يتضح ماذا تمثل ولمن ولاؤها , ليس هذا فحسب , بل ما هي المظاهر والشواهد والأفعال التي تؤكد اعتناقه لهذه الفكرة ؟ فهل يريد إقامة وتحقيق العدل في الأرض وإعادة الحقوق إلى أهلها ؟ أم انه ارتضى أن يتحول إلى فكرة تحقيق المصالح الحزبية غير الوطنية ؟
فان كانت الأخيرة فليس له أن يكون إلا إضافة جديدة للمكونات الهلامية الملامح العبثية الانتماء التي نراها في المشهد الجنوبي , وبذلك يكون مشكلة تضاف لا حلا يمكن أن يلتف الناس حوله .
أم انه يحمل فكرة أخرى غير ما ذكرت ؟ وبالتالي فالمجلس ملزم بتحديد فكرته وعرض الدلائل على اعتناقه لها , لا نريد بيانا ولا مشروعا ولا إيضاحا ولا محاولة للهروب من مواجهة هذه الحقيقة ولا مناورة حزبية سخيفة , نريد أن نعرف الفكرة ودلائلها ببساطة , حتى نعرف ما هي حقيقة المجلس ومن يمثل؟!!!
همسة في أذنكم جميعا : إن لم يكن ابسط الأمور كالأساسات موجودا , فبربكم كيف يكون حال باقي البناء الوهم ؟ وما هو مصير الوهم إلا الزوال .
د.بليغ اليزيدي