الدكتور بليغ يكتب
مستقبل التحالف والحرب في اليمن ( الجزء الثاني )
الثلاثاء - 16 أكتوبر 2018 - 06:42 م بتوقيت عدن
- تحديث نت / خاص .
حسنا ...
تناولنا في الجزء الأول في بحثنا عن مستقبل التحالف والحرب في اليمن وجهات النظر الجنوبية نحو التحالفات السياسية , وتحدثنا عن مستقبل هذا (التحالف / الانحراف) وأسباب نظرتنا هذه , واختتمتاه بقولنا , ماذا عن تحالف هادي مع التحالف العربي ؟ وماذا يعنيه الخطاب الذي ألقاه في ذكرى 14 أكتوبر ؟ وهل 14 أكتوبر هذه المرة يحمل معاني مختلفة تماما عن سابقيه ؟ وما هو مستقبل الجنوب سياسيا وسط هذه التعقيدات والتحالفات والانحرافات ؟
ولنبدأ بتحالف هادي مع التحالف العربي ودوله , هل بدأ حقا منذ طلب هادي لدول الخليج للتدخل في اليمن بعد انقلاب الحوثيين عليه ؟ أم انه بدأ منذ تسلمه السلطة خلفا لعلي عبدالله صالح ؟ أم انه بدأ منذ حادثة مسجد النهدين المشهورة ؟ أم انه بدأ منذ اندلاع ثورة التغيير في صنعاء ؟
إن الإجابة على هذا السؤال بشكل قطعي ليست سهلة أبدا , فالتطورات و التغيرات التي جرت على التركيبة السياسية في اليمن جنوبه وشماله , و على دول التحالف وعلاقاتها باليمن وعلاقاتها ببعضها البعض تجعل الإجابات مختلفة , ولكل إجابة معانيها وتبعاتها , ولكن الذي يهمني من طرح هذا السؤال , هو تبيان أن طبيعة العلاقة بين هادي ودول التحالف , أيا كانت أسبابها أو التغيرات التي طرأت عليها كانت سياسية منذ البداية , وما نالته من توافق و دعم دولي , وقرارات أممية , وعدد من المبعوثيين الخاصيين الدوليين , جعل الطبيعة السياسية لهذه العلاقة اشد متانة , وابعد عن القدرة على تحويرها أو تغييرها أو نقلها إلى منحنى امني أو عسكري , ولعل ذلك يفسر الكثير من الشواهد حول تعامل العالم المستمر مع حكومة هادي كحكومة شرعية عن الدولة اليمنية الموحدة, رغم غياب تواجدها الفعلي على الأرض , وانعدام تأثيرها على مجريات الأحداث في الواقع اليمني المباشر شمالا وجنوبا , كما يفسر مسرح العمليات العسكرية المتناقضة والمتغيرة بتسارع شديد ,كان العامل الإقليمي والدولي هو الأكثر تأثيرا فيها , و بعيدا عن قدرة أو إرادة حكومة اليمن المقيمة في منفها بالرياض ,
ويفسر أيضا انهيار العملة اليمنية وتوقفها , ثم استمرارها في الانهيار , وما لحق من تغيرات في موقع البنك المركزي اليمني , و وظائفه ومهامه والمسئولين عنه , كما يفسر حالات الاحتقان التي تحصل هنا هناك بين التحالف وبعض دوله وبين هادي , والتي ما تلبث أن تحل وتهدئ , ويفسر كذلك قرارات التعيين و الإقالة و الإحالة إلى التحقيق التي نتفاجى بها بين الحين والآخر .
الخلاصة هنا , أن هادي يدرك تماما طبيعة علاقته السياسية المحضة مع الإقليم والعالم , والتي ربما قد عزلته عن أي قدرة حقيقية في الجوانب الاقتصادية والخدمية والعسكرية والأمنية , لكنها أبقت الجانب السياسي في يده تماما , فهو الوحيد الذي بيده أن يجعل , إن أراد , هذا التدخل لدول التحالف العربي , من شرعي , إلى غير شرعي , أو لنقل من (التحالف / الشراكة ) إلى ( التحالف/ الانحراف) ويجعله بدون أي أساس قانوني أو دولي .
ولذلك فأن خطابه الأخير والذي كان مختلفا , وجعل الاحتفالية التي أقيمت في عدن مختلفة أيضا , كان منطلقا من هذا الإدراك , ومن استيعابه إلى المدى المسموح له فيه بالتحرك , ومتى يمكن أن يستخدمه , وكثير من المتابعين الحصيفين ممن تحدثت إليهم و الذين شاهدوا الخطاب , أدركوا ما يحمله من جديد لم يسبق أن قدمه هادي , وما حمله من تغير في التوجه السياسي , قد يحمل تغيرات قادمة , كان أولها إقالة بن دغر , ولن يكون آخرها .
ويبقى لنا السؤال الأكثر أهمية , والذي ينتظر إجابته الجميع , أو على العاقل أن يسمعوا إجابة مختلفة هذه المرة , ألا وهو ,ما هو مستقبل الجنوب سياسيا وسط هذه التعقيدات والتحالفات والانحرافات ؟
والإجابة تكون كالتالي :
إن مستقبل الجنوب سياسيا , يعتمد على كثير من العوامل المحلية والإقليمية والدولية , الاقتصادية منها والسياسية , ولكن العامل الجنوبي الأهم والأكثر تأثيرا و الذي يمكن للشعب الجنوبي أن يؤثر فيه لصالح مستقبل سياسي يرى الأهداف الجنوبية محققة , ويرى الجنوب مستقلا متمتعا بسيادته على كامل ترابه الوطني هو استمرار القضية الجنوبية وثورة الشعب الجنوبي , وحراكه الجنوبي السلمي التحرري وبقاؤهم على مسارهم السلمي والسياسي , ومنع انحرافه إلى المسار الصراعي و الأمني .
همسة في أذن من همس لي : إن العلم ضرورة لبناء الحلول , وان الاستفادة من تجارب السابقين توفر كثيرا من الجهد والوقت والمال , وان التقدير لخصوصية المجتمع الجنوبي ومصالحه ومستقبل أجياله في صياغة الحلول وتقديمها هو تتويج لهذه الحلول .