آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

ادب وشعر


في ذكرى وعد بلفور المشؤوم

في ذكرى وعد بلفور المشؤوم

الخميس - 01 نوفمبر 2018 - 11:25 ص بتوقيت عدن

- تحديث: سعيد يعقوب



دَعْ ما ادَّعَاهُ العَالَمُ المُتَحَضِّرُ // فَالقَوْلُ زَيْفٌ والحَدِيثُ مُزَوَّرُ

مُتَبَجِّحٌ بِحَضَارَةٍ مَزْعُومَةٍ // بُنِيَتْ عَلَى رَمْلٍ فَلَيْسَ تُعَمِّرُ

وَلَكَمْ طَوَتْ كَفُّ الدُّهُورِ حَضَارَةً // كَانَتْ عَلَى عُنُقِ الشُّعُوبِ تُسَيْطِرُ

مَاذَا تَبَقَّى مِنْ حَضَارَةِ فَارِسٍ // وَبِأَيِّ فَضْلٍ سَوْفَ يُذْكَرُ قَيْصَرُ

فِرْعَوْنُ وَلَّى هَلْ لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ // أَتُرَى بِغَيْرِ الَّلعْنِ يَوْمًا يُذْكَرُ

تِلْكَ الحِجَارَةُ كَمْ ضَحَايَا تَحْتَهَا // يَقْسُو عَلَيْهَا قَلْبُهُ المُتَحَجِّرُ

وَبَعُوضَةُ النَّمْرُودِ شَاهِدَةٌ عَلَى // مَنْ كَانَ يَنْهَى كَيْفَ شَاءَ وَيَأْمُرُ

فَانْظُرْ إِلَى أَيْنَ انْتَهَى مُسْتَكِبْرُ // وَلِأَيِّ عَاقِبَةٍ مَضَى مُسْتَعِمُر

لَيْسَ الحَضَارَةُ مَا بَنَوْا مِنْ زُخْرُفٍ // لَوْ أَنَّهُ مِمَّا يَرُوقُ وَيُبْهِرُ

إِنَّ الحَضَارَةَ لَا يُؤَسَّسُ رُكْنُهَا // إِلَّا بِعَدْلٍ دُونَ ذَاكَ تُدَمَّرُ

وَبِنَشْرِ نُورِ الحَقِّ فِيْ أَرْجَائِهَا // فَبِغَيْرِ نُورِ الحَقِّ لَيْسَتْ تُزْهِرُ

وَبِكَسْرِ قَيْدِ الذُّلِّ عَنْ أَصْحَابِهِ // إِنَّ الحَضَارَةَ عِزَّةٌ وَتَحَرُّرُ

مُثُلٌ وَأَخْلَاقٌ وَحُسْنُ شَمَائِلٍ // وَتَرَفُّعٌ وَتَفَضٌّل وَتَحَضُّرُ

وَتَعَامُلٌ وَتَسَامُحٌ وَمَحَبَّةٌ // وَمَكَاِرمٌ وَتَأَمُّلٌ وَتَفَكُّرُ

وَتَجَسَّدَتْ فِيْ دِينَ أَحْمَدَ كُلُّهَا // وَبِغَيْرِهِ تَبْقَى الخُطَى تَتَعَثَّرُ

ملْيونُ بِلْفُورٍ ومَنْ يَتَبَلْفَرُ // عنْ نزْعِنَا مِنْ أَرْضِنَا لَا يَقْدِرُ

أَمِنَ التَّقَدُّمِ أَنْ يُشَرَّدَ آمِنٌ // أمْ أنَّ ذاكَ تَخَلُّفٌ وتَأَخُّرُ

أَمِنَ الحَضَارَةِ أَنْ يُرَوَّعَ أَعْزَلٌ // وَيُهَانُ أَطْفَالٌ وَتُقْتَلُ قُصَّرُ

تِلْكَ الجَرِيمَةُ لَمْ تَزَلْ آثَارُهَا // تَرْوِيْ حِكَايَةَ مَنْ بِظُلْمٍ هُجِّرُوا

سَرَقَ الُّلصُوصُ بِلَادَهُمْ ،وَدِمَاؤُهُمْ // مِنْ غَيْرِ حَقٍّ تُسْتَبَاحُ وَتُهْدَرُ

شَادُوا عَلَى جُثَثِ الضَّحَايَا دَوْلَةً // إِرْهَابُهَا مِنْ فَوْقِ مَا يُتَصَوَّرُ

وَمَجَازِرٍ مَا جَاءَ هُولَاكُو بِهَا // عَنْهَا مَجَازِرُ كُلُّ عَصْرٍ تَصْغُرُ

وَمَظَالِمٍ لَمْ تَسْمَعِ الدُّنْيَا بِهَا // مِنْ كُلِّ أَنْوَاعِ المَظَالِمِ أَكْبَرُ

فَلَهُمْ سِجْلٌ بِالمَخَازِيْ حَافِلٌ // وَلَهُم كِتَابٌ بِالخِدَاعِ مُسَطَّرُ

وَلِشَعْبِيَ المَغْوَارُ جَبْهَةُ ثَائِرٍ // لَا تَنْحَنِيْ وَعَزِيمَةٌ لَا تُقْهَرُ

وَقَوِافِلُ الشُّهَدَاءِ أَوْسِمَةٌ عَلَى // تُرْبٍ طَهُورٍ بِالشَّهَادَةِ يَفْخُرُ

فَمَدَىً بِتِزْآرِ الأُسُودِ مُتَوَّجٌ // وَثَرَىً بِأَشْذَاءِ الدِّمَاءِ مُعَطَّرُ

لَكِنْ قُوَى الطُّغْيَانِ حِقْدٌ جَارِفٌ // سُحُبٌ بِأَنْوَاعِ الخِيَانَةِ تُمْطِرُ

لَكِنَّنَا بِالرَّغْمِ مِنْ كُلِّ الذِيْ // ذُقْنَا عَلى مُرِّ المَصَائِبِ نَصْبِرُ

عَزْمٌ كَحَدِّ السَّيْفِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ // لَا نَنْثَنِيْ وَإِرَادَةٌ لَا تُكْسَرُ

شَعْبٌ بِكُلِّ حُقُوقِهِ مُتَمَسِّكٌ // مَهْمَا اسْتَبَدَّ بِهِ العِدَا وتَجَبَّرُوا

ويَزِيدُ رَغْمَ العادِياتِ صَلَابَةً // وكَذَاكَ بِالنِّيرانِ يَصْفُو الجَوْهَرُ

في عُمْقِ هذِيْ الأَرْضِ جِذْرِيْ ضَارِبٌ // مُتَغَلْغِلٌ فِيْ قَلْبِهَا مُتَجَذِّرُ

وَغَدًا يُطِلُّ الحَقُّ بَعْدَ غِيَابِهِ // وَبِنُورِ شَمْسِ العَدْلِ أَرْضِيْ تُغْمَرُ