آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

ادب وشعر


وصفة للشتاء

وصفة للشتاء

السبت - 29 ديسمبر 2018 - 01:03 ص بتوقيت عدن

- تحديث/ خاص:رمزي القحطاني:



عندما تصبح درجة الحرارة في مدينتك الى ما دون العاشرة تحت الصفر، فما عليك إلا أن تحول الليل الكئيب الى بهجة وتأمل.
قم بإشعال الموقد وأتكئ بقربة، وستجد نفسك تتوق الى كوب قهوة معبوق برائحة اليانسون ومحلا بالسكر.

وبعد هذه الخطوة ستجد رواية تشتهيها نفسك قد تسللت الى يديك، وبدأت تمعن النظر في سطورها، واذا داهمتك نفحة من الطقس البارد، ستجد أنك إقتربت أكثر نحو الموقد وبدأ جسمك يصطلي نارا.

مع ما تنتجه افكارنا وتحصل عليه أجسادنا يتصف بكمال السهرة الشتوية الخالدة، والتي قل أن تجد مثيلاتها في ليالي الصيف او أواخر الربيع. ولهذا فإننا نجد للشتاء ميزة لا نجدها في غيره من الفصول.

كان لقاء مس كاثرين مع همنجواي عابرا لكنه تحول الى قصة حب تعتبر من اجمل قصص الغرام الخالدة. اذ يذكر همنجواي أنه إلتقا كاثرين التي كانت تعمل ممرضة في مستشفى ميداني أثناء الحرب العالمية الثانية في إيطاليا، عندما كان متطوعا في الجيش الإيطالي. واستطاع مع اعضاء فرقته الكاهن والمايجور خلال الشتاء تحرير الكثيب والوادي، وتجاوز هوا وكتيبته غابة الكستناء، وعندما جاء الربيع كانت المدفعية تدك معاقل الألمان خلف الجبل. لكن مع تقهقر جيشه خلال الإنسحاب المفاجئ تعثرت عربات الإسعاف التي كان يعمل فيها لنقل الجرحى بالوحل الذي تسببت به الأمطار.
وأثناء رحلة العودة تتشتت كتيبته، وتجمعه الصدفة بآخرين فارين من المعركة، تاركين مواقعهم ليكتسحها العدو، لكن أحدهم يخرج عن أوامر همنجواي وهوا ما عدة التسبب بخطر جسيم لبقية الزمرة، فيطلق عليه خرطوشا صائبا من بندقيته، ويرديه قتيلا. تستطيع بقية الزمرة إجتياز النهر وتنجوا من أسر النازيين لها، وتصل الى المدينة بسلام.
وهناك يخوض همنجواي رحلة الفرار من الحرب متخفيا بصحبة مس كاثرين التي كانت تحمل طفله في شهوره الأخيرة، ويقطعان البحر على متن قارب نحو شواطئ سويسرا، وينزلان في مدينة ساحلية مترفة بالجمال الشتوي ومغطاة بالجليد.

طيلة فترة الشتاء قضياها في كوخ على جبل مطل على المدينة، اذ كانت الثلوج تغطي الممرات، والعواصف الصقيعية تضرب الأجساد متسللة من ثقوب النوافذ الخشبية، فتطردها حرارة المواقد وتردها خائبة.
تأتي لحظات ولادة كاثرين وتنقل الى مشفى وسط المدينة، وهناك تعاني الأمرين، آلام المخاض و آلآم الحنين الى الوطن، لقد كانت فتاة استكلندية، لكن في نهاية المطاف تتعسر ولادتها فتلد طفلا ميتا، وتصاب بنزيف حاد فتموت على إثره.
يعود همنجواي بعد رحلة الصراع الغرامي وفقدان الولد والحبيبة الى بلده أمريكا وهناك يكمل ما تبقى من حياته.

مزج كاتب رواية "وداع للسلاح" والحائز على نوبل للآدب للعام 1954 القبلات برائحة البارود، والمعارك بمواعيد الغرام، والسهرات بلحم الخنزير بالبيض والجعة.
وفي عام 1961 غادر هذه الدنيا بخرطوش من مسدسه أطلقه على رأسه في مكتبه بمدينة كيتشوم، ليذهب مخلفا ورائه واحدة من اروع الروايات الرومانسية في القرن العشرين "وداع لـ السلاح" والتي يعتبرها الأمريكيون من مآثر همنجواي الخالدة، التي لا يمكن أن تندثر على مر العصور.