آخر تحديث :الجمعة-11 أكتوبر 2024-09:54م

ادب وشعر


ثورة التغيير سرديا

ثورة التغيير سرديا

الثلاثاء - 12 فبراير 2019 - 04:32 م بتوقيت عدن

- تحديث/ خاص:


د.عبدالحكيم باقيس

ـ بعد ثورة التغيير اليمنية في الحادي عشر من فبراير 2011، تحول هذا الربيع الثوري إلى ربيع روائي يمني، مُثل سرديًا في كتابات تفاوتت في مقاربتها ورؤيتها لثورة التغيير، كتب عبدالله عباس الإرياني (جولة كنتاكي) 2014 وتحيل إلى الوقائع والمكان الذي جرت فيه مواجهات حاسمة بين شباب التغيير والسلطات، وجاءت رواية (بئر زينب) 2015 لندى شعلان مستندة إلى منظور نسوي اتخذ من جرحى الثورة المنسيين خطًا سرديًا في تناول أحداثها، لم يكن تعاطي الروائيين محايدًا في الموقف من ثورة التغيير، ويبدو أنه لا حياد في مثل هذه الموضوعات الكبرى. كتبت نادية الكوكباني (سوق علي محسن) 2016، لرصد يوميات الثورة الشبابية وتفاصيلها من خلال عيني طفلين من المهمشين، تدفعهما ظروفهما البائسة إلى ترك التعليم والعمل في أحد الأسواق الشعبية القريبة من الساحة، لا تتجاوز أحلامهم الحصول على مبلغ بسيط خلال يوم عمل شاق، أو امتلاك عربة بائع متجول صغيرة، يجدا نفسيهما ضمن مرتادي ساحة التغيير، وتتداخل أحلامهم بأحلام الشباب الثائر في الساحة. وتلامس الرواية العديد من الأوجاع الاجتماعية والسياسية: حروب صعدة، عمالة الأطفال، التحرش الجنسي، الفقر والفساد، انتهاك الحقوق والحريات، فشل التجربة الديمقراطية في اليمن، ما جعل الرواية حافلة بسرد تفاصيل الأحداث والشخصيات، وتحولت إلى سجل توثيقي ليوميات الثورة، تحاول أن تثبت ما يمكن تثبته روائيًا خشية أن يتعرض للنسيان أو التلفيق والتشويه.

تميل رواية (ثورة مهيوب) 2017 للمياء الإرياني في تناولها لثورة التغيير إلى تركيز السرد، وبطلها مهيوب من أشد الفئات الهامشية، يعيش على رصيف عمارة الحاج صالح، وينام بداخل كيس، يرقب من خلال الشارع التحولات التي تمر بها المدينة والناس، وحين شرع شباب الثورة في اعتصاماتهم سمعهم يرددون كلمات كان يسمعها من صديقة الشاب المثقف هزاع، وعندما ذهب إلى ساحة التغيير شعر بالصدمة والخيبة لرؤية العقيد الذي تخصص في نهب الأراضي والممتلكات قد التحق بالثورة، وقرر العودة إلى رصيفه، وإلى كيسه الذي يشكل ترميزًا لكيس كبير من الظلمة والعزلة دخلته اليمن. وواضح أن الروايتين تقدمان صورة للأوضاع التي تسببت في تعثر حلم التغيير في اليمن، اجتياح القبائل والمشايخ والعسكر لساحة الثوار، والذي سيمهد لحرب كابوسية كبرى لم يشهد اليمن مثيلها في تاريخه الحديث.
جزء من دراسة حول المشهد الروائي الجديد.