آخر تحديث :الأربعاء-29 مايو 2024-11:03م

الدكتور بليغ يكتب


اليمن الجنوبي سياسيا ... مراجعة للمشهد الحالي . الجزء الأول

اليمن الجنوبي سياسيا ... مراجعة للمشهد الحالي . الجزء الأول

الأحد - 16 يوليه 2017 - 06:20 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص .

إيضاحات لابد منها:
حسنا ...
أردت القيام بمراجعة عامة لما يخص المشهد اليمني عموما والجنوبي خاصة , ولكني وجدت الأمر يحتاج إلى الكثير من البحث و الكثير من الأسئلة لأهل الذكر من ذوي الاختصاص , وارتأيت أن اجعل مراجعتي خاصة بالجانب السياسي حصرا , ولكن نفس المشكلة برزت , فالتعقيد الشديد للوضع الجنوبي الحالي وكثرة الأطراف و العوامل المؤثرة في المشهد الاقتصادية والسياسية والفكرية والمذهبية والثقافية وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية تجعل هذه المراجعة صعبة على اجتهاد فردي متواضع , فتوصلت إلى قرار بأن اجعل المراجعة هنا في نقاط اعتقد أنها الأكثر أهمية من وجهة نظري وكذلك الأكثر قدرة على إيجاد التفسير لمجمل الأحداث المرتبطة بحياة الشعب الجنوبي المباشرة .
ولكن ولتيسير وصول الرسالة التي أريد إيصالها سنبدأ ببعض الإيضاحات التي ستعين القارئ الكريم على تفهم وجهة نظري وكذا تساعده على معرفة المنطلقات التي اعتمد عليها .
الإيضاح الأول يخص الجدل القائم في المجتمع الجنوبي بين مؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس وبين مؤيدي الجزء الجنوبي من الشرعية (بحسب وجهة نظرهم ) والذين يعتقدون أن هادي والجنوبيين المنضويين تحت شرعية الجمهورية اليمنية في الرياض يقدمون للجنوب وللقضية الجنوبية خدمات جليلة بحسب تعبيرهم , لم يستطع الجنوبيون فهمها .
وهذا الجدل جعل مؤيدي الطرفين في حال مواجهة ومحاولة لانتقاء الأخطاء عند الفريق الثاني والقذف في شخوصه ومواقفهم ومحاولة لي كل ما يصدر باتجاه إثبات فشلهم وعدم قدرتهم, وتوظيفها كحجة على عدم الفهم أو سوء القدير وأحيانا كدليل دامغ على عدم وطنيتهم وانحرافهم عن الهدف الجنوبي الاسمي للشعب الجنوبي وحراكه السلمي .
واجد , وهذه قناعتي أن الحاصل من جدل وما ظهر من أثاره من نقد وحجج ليس إلا كلام جهلة لا يعون حقيقة ما يحصل , لان الجنوبيين المتصدرين للمشهد في جميع الأطراف ليسوا في الحقيقة إلا واجهة لإطراف إقليمية ودولية متصارعة على مصالحها على اختلافها وتناقضها وأيضا اتفاقها , وبالتالي وكنتيجة ضرورية أن هذا الجدل لا يمثل مصالح الشعب الجنوبي ولا يمثل هدفه في استعادة سيادته الوطنية على كافة أراضيه غير منقوصة , بل يمثل دليلا على محاولة واضحة لإشغال المجتمع الجنوبي ومواطنيه عن الاهتمام بمصالحه الحقيقية ومستحقاته الاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية من جميع الأطراف منذ جلاء البريطانيين مرورا بالوصاية الروسية إلى الاحتلال اليمني من صنعاء وصولا إلى التحالف ودوله وكذلك على غياب دور العقلاء الجنوبيين, ودليلا أيضا على تسيد أعداء الجنوب و الرويبضة من الجنوبيين لإدارة دفة النقاش الفكري في المجتمع لجنوبي .
الإيضاح الثاني : ويخص وجوب التفريق الواضح بين المشاريع الإقليمية والدولية في الجنوب وسيرها وبين الشخوص الذين يتصدرون مشهدها , واقصد بهذا أن النظر إلى الشخوص أو تاريخهم أيا كان خيرا أو شرا , طهارة أو فجرا . كدليل على هدف المشروع أو توجهه هو معيار ضعيف ولا يمكن الاعتماد عليه , بل إني استطيع أن أقول أن التسويق لهذا المفهوم هو عمل غير وطني وستكون نتائجه كارثية وفي غير الصالح الجنوبي تماما . وكذلك يجب التفريق بين مصالح أي طرف سياسي مؤثر في الجنوب , وبين التناقضات التي قد تظهر بين أطرافه وقواه المؤثرة فيه , فهذا التناقض لا يعني أبدا أن مصالحه أو مشروعه مختلف أو متناقض أبدا .
الإيضاح الثالث : وهو حول تأثير الجيل الشيوعي من السياسيين الجنوبيين , والذي طفا على السطح مؤخرا في بعض المقالات المنشورة , والذي حذرت منه مرارا وتكرارا , وان هذا التأثير والدور هو احد العقبات الكبرى التي يواجهها الشعب الجنوبي والقضية الجنوبية , ويكفي أن تلاحظوا جهود هؤلاء السياسيين الشيوعيين في كافة الاتجاهات ومع جميع الأطراف وتروا كيف يعملون على خسارة الكل وفشل الجميع مقابل بقائهم وان على شكل جيف جاوزت زمنها وقدرتها على تقديم أي شيء , لتتأكدوا من حقيقة ما أقدمه .
الإيضاح الرابع : يخص الوضع الاقتصادي والأمني المحلي للشعب الجنوبي , سوء خدمات , غياب للرواتب , عبث في سوق المحروقات , غلاء أكل الأخضر واليابس , وضع صحي متردي وأوبئة تفتك بالجميع وخصوصا الأطفال والنسا والشيوخ , غياب لأجهزة القضاء , وتعدد للأطراف الأمنية جعل المواطن الجنوبي حيرانا لا يدري ماذا يحصل ولماذا يحصل ولصالح من يحصل؟ , وكل هذا يحصل في مناطق محررة يتم السيطرة عليها والتحكم بها واتخاذ القرار فيها بقوة وقدرة التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات تلك الدول الأكثر غنا وقدرة على حل هذه المشاكل ؟! وهذا التوضيح أحاول ب هان أنبه لحقيقة الأطراف الأكثر قدرة على التأثير والتي لسبب غريب تغيب حقيقة ما تقوم به وما يجب أن يتم تقديمه من انتقاد حول مسؤوليتها ودورها في صنع الواقع الجنوبي الحالي عن منابر الإعلام الجنوبية وغير الجنوبية , كمن يحاول أن يحمل البريء مسؤولية ما فعله استنادا على جعل هذا البريء وغبائه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الإيضاح الخامس : دور الإعلام الجنوبي المحلي عامة والالكتروني ووسائل الاتصال الاجتماعي بخاصة في المشهد الحالي , والذي يمثل فرصة جيدة للعقلاء الجنوبيين , ولكنه يبدو دورا يستغل بمهارة من جميع الأطراف المعادية للشعب الجنوبي أو مصالحه وقضيته , ولكنه لسبب ما لا ادري ما هو حتى الآن, لم يستغل من قبل العقلاء الجنوبيين للقيام بدورهم قدر المستطاع وضمن الممكن ؟!
هذه الإيضاحات التي وددت أن أقدمها قبل الشروع في سرد النقاط الهامة التي سأقدمها إن شاء الله لهذه المراجعة .
همسة : مراجعة الوضع والمشاريع قد لا يقدم حلا مباشرا , ولكنه بلا شك سيجعلنا أكثر فهما لما يحصل وسيجعلنا بالتالي أكثر قدرة على التأثير وإيجاد الحلول بما يتناسب مع مصالحنا .
د.بليغ اليزيدي
الأحد
16 يوليو 2017 م