آخر تحديث :الأربعاء-29 مايو 2024-11:03م

الدكتور بليغ يكتب


رسائل نصح إلى الساسة الجنوبيين

رسائل نصح إلى الساسة الجنوبيين

الخميس - 20 يوليه 2017 - 07:45 م بتوقيت عدن

- تحديث نت / خاص .


ترددت كثيرا في كتابة هذه لرسالة , فقد ظلت الفكرة تراودني كثيرا, ولكني لم أجد العذر الكافي ولا التوقيت المناسب الذي يدفعني لكتابتها , فالرسائل العامة ليست ذات جدوى وتأثير مباشر في الملفات السياسية , وان كانت لها أهميتها في إيصال الأفكار وأصوات الناس إلى صناع القرار .
رسالتي الأولى إلى رئيس الجمهورية اليمنية وشرعيتها المقيمة في الرياض عبدربه منصور هادي :
أما انك قد أخطأت كثيرا , ودفعت ثمن أخطائك كثيرا , فهل اتعظت واستفدت ؟ أم تراك ركنت إلى زاوية الانتظار والصبر كعادتك , انتظارا لتغيير يمكنك من أن تستغله لما تعتقد انه منجاك الشخصي وخاتمة مسك لحياتك السياسية وعلامتك الفارقة في التاريخ والتي سيذكرك بها الناس ؟ الم يحدث ذلك التغيير , وبغير إرادتك ولا سعي منك أو فضل لك فيه غير صبرك ؟ وها أنت الآن رئيس للجمهورية اليمنية شمالا وجنوبا , ومدعوم من العالم وهيئة أممه ومجلس أمنه , وحاكم فوق بلاد اليمن و على من ظل يبقيك في الظل بجنوبيتك ليبرر بها حكمه على اهلك وإخوانك .
ولكنك تعلم في قرارة نفسك أن كل ما ذكرت ليس حقيقة كاملة , إنها أنصاف الحقائق التي يراها الناس ويحبونها ويألفونها , لان الحقيقة مرة بطبيعتها ومنفرة , ولان قواعد اللعبة السياسية تفرض نفسها وبقوة وشدة تختلف بحسب الظرف والزمان والمكان .
وتعلم أيضا أن مصالح الكبار في زمننا هذا هي من تحدد مسار الشعوب والأمم , فلا عدل فيها ولا رحمة ولا أخلاق أو إنسانية , فقط مصالح يتم التفاوض عليها ووضعها في ملفات للنقاش وتحديد التفاصيل .
وتعلم أيضا بحال اهلك وإخوانك وبني جلدتك في الجنوب وما هم فيه من ظلم وجور وإراقة للدماء لصالح الغير , وتعلم كيف يتم العبث باقتصادهم وخدماتهم وأمنهم وتعليمهم ومستقبل أبنائهم , وهو وضع ليس جديدا عليك أليس كذلك؟ فقد عشته من سابق , والتزمت الصمت في انتظار الحدث والتوقيت والظروف المناسبة, لكن هذه المرة مختلفة عن سابقتها , فلن يكون هناك مساحة من الوقت تسمح بالانتظار , ولن يكون هناك أمل في التغيير الذي ينقلك إلى مستوى اعلي فأنت (لرئيس) وهذه أعلى وأقصى مرتبة ممكنة , ولن يكون هناك حرب أخرى تعطيك فرصة الولوج إلى مجتمعك الجنوبي لتنال (فرصة ثانية ) للتعويض أو التكفير عن خطأ أو زلل.
لا نطلب منك الكثير خارج ما هو ممكن لك ومن مساحة التحرك الضيقة التي تستطيع الحركة فيها , أوقف يد (الفاشل) جلال وطفوليته وإطماعه ونزقه ورعونته عن العبث بحياة اهلك وإخوانك في الجنوب , بادر بقدر استطاعتك لحفظ أرواح ودماء أبنائنا في أماكن النزاع التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل , اقنع الرياض بإعادة توجيه ملفات الإغاثة ورعاية الجرحى واسر الشهداء في الجنوب إلى أيد جنوبية تقدم لهؤلاء ما يستحقونه من الرعاية كواجب وتقدير لا منة أو تكرم أو إذلال , فلا أظن إن الحجة لمثل هذا الشأن تنقصك أو تعوزك , ابعد الجنوبيين بقدر الإمكان عن مواضع الوقوع تحت تأثير العواطف أو تأجيجها , والاهم من هذا كله لا تجعل رغبتك في صنع مشروعك الشخصي يبنى بجماجم الأبرياء من اهلك وبني جلدتك .
رسالتي الثانية إلى الأخ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي :
أما انك كنت من السابقين إلى الموت , ومن المتعففين عن التنازل عن مبادئك من اجل المال وراحة البال , وظللت ردحا طويلا على هذه السجية , فلم يردعك ترهيب ولم يردك ترغيب , وجاءت الحرب فغيرت الشأن , فتبدلت من طريد شريد إلى سيد مطلوب الود , ومن حذر من غدر الإنسان والزمان والمكان , إلى مهيوب الجانب ومصدر إرهاب للإرهاب , ثم جاء المجلس فصرت قبلة لقلوب الجنوبيين وطريقا لتحقيق آمالهم وهدفهم , فبجلوك وعظموك وفوضوك.
ولكنك تعلم في قرارة نفسك أن هذا ليس صحيحا تماما , وان الناس لا يعرفون عن حقيقة ما يجري إلا اقل القليل , وتعلم أيضا انك قد اجتهدت قدر استطاعتك , وان اجتهادك هذا رغم بذلك لأقصى ما تملك فيه , قد لا يكون كافيا , فأنت بشر في النهاية و لك حدودك , كما تعلم أن الأمر ليس بهذه البساطة التي يراها الجنوبيون , وقد تبكي عيناك رحمة بهم وخوفا من لمعة الأمل التي تراها في عيونهم , والتي و كأنها تحملك مسؤولية مصيرهم , فلا يزيدك هذا الوضع إلا تشددا في الرأي وان كان يخالف الكثيرين من أهل الذكر ليقدمك خوفك من هذه المسؤولية ورعبك من اجتهاد شخصي قد يصيب وقد يخطئ لمصير أمتك ,كرجل نزق عنيد متصلب الرأي قليل الكلام صعب الإقناع , فيا رحمة لشدة موضعك ويا لصعوبة موقفك وهول ما تتحمله الآن , فكأن سنين مناورة الموت و مواجهته تبدو أسهل و أهون بكثير مما أنت فيه الآن .
ولن اطلب منك إلا ما هو بحدود استطاعتك وقدرتك , أوقف عبث دائرتك الخاصة بقنوات وصول الناس إليك وتنظيمها بما يعتقدون انه لصالحك . فصالحهم أبدا ليس صالحك , لا تجعل مجلسك مفتوحا على الدوام , ولا تجعله محصورا على فئة أو مغلقا على الدوام , وخير الأمور وأرشدها أوسطها , اقنع ابوظبي ضمن ملف عداوتهم مع الإخوان المسلمين وحزب الإصلاح أن ملفات الإغاثة يجب أن تكون بيد جنوبيين , وسأكون أكثر تحديدا بيد مؤسسات مجتمع مدني جنوبية من المجتمع المحلي ,لأنها ببساطة الأكثر اتصالا ومعرفة بحاجات هذا المجتمع , التق بالأشخاص الأكثر عداوة لك بحسب ما تقدمه دائرتك الخاصة أرسل لهم الدعوات واستمع لهم , فلن تخسر شيئا من الاستماع لما لديهم , خذ ما ترى فيه خيرا واترك ما ترى فيه شرا , والاهم من هذا كله , لابد من وجود مكتب اتصال وعلاقات عامة خاضع لك مباشرة ومن أخير الكفاءات التي يمكن أن تحصل عليها .
رسالتي الثالثة إلى الأخ محافظ محافظة العاصمة عدن الأستاذ عبدالعزيز المفلحي :
لقد خرجت من الجنوب خلسة , خائفا من بطش الرفاق ونظرية الصراع , باحثا عن آفاق أوسع من ضيق فكر الحزب الواحد و اشتراكية الأموال التي تفقر الجميع, وبقيت ردحا طويلا من الزمان تتعلم وتتطور في شؤون الاقتصاد والمال وطرقه وأساليبه وصناعته , وجاءتك فرصة للدخول في طريق النضال فسارعت إليها واغتنمتها سعيدا بها , وبقيت تتساءل بعقل وخبرة الاقتصادي والباحث التاريخي عن سبب صعوبة وتعقيد الوضع السياسي الجنوبي , رغم أن حلوله الاقتصادية وتطبيقها تبدو سهلة في دماغك , وانتظرت فترة طويلة لعلك تجد الفرصة المناسبة , الفرصة السانحة لتثبت لأهلك وبني جلدتك من الجنوبيين , أن المشاكل الاقتصادية مهما بلغت صعوبتها وتعقيداتها وتراكمها, فأن هناك حلولا لها على صعوبتها و طول الزمن الذي تحتاجه , جاءتك الفرصة التي تمكنك من استعراض قدراتك كرجل اقتصادي يملك المعارف والمهارات والخبرات التي تؤهله على تجاوز هذه المحنة بكل صعوباتها , لتقدم بتواضع لا يخلو من الفخر بأهلك وبني جلدتك وصبرهم ,هذه الحلول وتشرف على تنفيذها .
وها أنا أكررها لن اطلب منك إلا ما هو ممكن وفي حدود الاستطاعة , انشغالاتك الكثيرة هذه الأيام قد لا تسمح لك بتوفير وقت للبحث عن الخبرات أو المهارات التي قد تساعدك , حسنا اصنع هذا الوقت اخلقه , فالانشغال ليس عذرا مقبولا , الناشطون المجتمعيون المستقلون قد لا يشكلون طرفا سياسيا , ولكنهم حقل من المهارات يمكنك استثماره وتوجيهه بشكل ممتاز , وسيشكلون عاملا مساعدا هاما لعملك يختصر الكثير من الجهد والوقت , بناء علاقات وتصورات مستقبلية مع الشركات الإقليمية والدولية حول العاصمة عدن قد لا يبدو أولوية الآن ولكنه يجب أن يكون من الأولويات , مع أني متأكد أنها نقطة لا تغيب على اقتصادي من وزنك ولكن من باب التذكير فقط , والاهم من كل ما ذكرت نريد رؤيا اقتصادية ومشروع اقتصادي يتناسب مع شعبنا وأرضنا وإمكانياته ويتوازى مع إمكانية مشروع سياسي .
أتمنى وأدعو الله أن تتجاوز رسالتي البسيطة هذه حدود مساحة النشر المتواضعة وتصل إلى الإخوة المعنيين .
همسة : حين يتناغم مشروع سياسي مع مشروع ثوري مع مشروع اقتصادي , اعتقد أن أركان مشروع أي دولة لن يكتمل في غياب احد الثلاثة .
د.بليغ اليزيدي
فجر الخميس
20 يوليو 2017 م
البريد الالكتروني
Dr_b_alyazeedi@yahoo.com